واقع البحث العلمي بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية "رؤية تحليلية"
إعداد
د/ سميه على عبد الوارث*                                               د/ أنور عبد الكريم كحيل**
 
مقدمة:
يعد البحث العلمي عصب الحياة الرئيس لأي دولة تود أن تلحق بركب الحضارة الجامح في نصف القرن الأخير من عمر البشرية على الأرض، حيث يقاس تقدم الأمم والشعوب في هذه الحقبة بمقدار ما وصلت إليه من تقدم في شتى مجالات العلم والبحث العلمي.
إن المتأمل لتاريخ الحضارات التي قامت على سطح الأرض منذ بدء الخليقة حتى الآن يجد أنها ما قامت إلا على أركان العلم والبحث العلمي، فالحضارة الفرعونية التي بلغت من التقدم والازدهار ما لم تبلغه حضارة أخرى لم يكن لها أن تصل إلى ما وصلت إليه في شتى فروع العلم (الطب والفلك والهندسة والكيمياء ونحو ذلك من العلوم النظرية والتطبيقية على حد سواء) إلا عن طريق البحث العلمي حتى وإن كان مسماه في ذلك الوقت غير ذلك، ويقاس على ذلك كل الحضارات اللاحقة لها كالإغريقية واليونانية وآخرها كانت الحضارة الإسلامية التي بلغت شأواً عظيماً في شتى المجالات العلمية التطبيقية منها والنظرية، ولقد كان أكبر عمل قامت به العقلية الإسلامية العلمية هو كشفها للمنهج الاستقرائي التجريبي الذي عبر أيما تعبيرً عن الحضارة الإسلامية، مشيراً بحركة دافعة خلال القرون الخمس الأولى من تاريخ الإسلام ـ العصر الذهبي اللامع في تاريخ الإنسانية جمعاء ـ وقد كشف التاريخ عن أن المسلمين كانوا أسبق من الغربيين إلى ابتداع المنهج التجريبي بكل مراحله مما جعلهم الأسبق في ابتداع العلوم المختلفة وتأسيسها، واشتهر العديد من العلماء المسلمين باستخدام الطريقة العلمية المبنية على الاستقراء والتجريب مثل: الحسن بن الهيثم وجابر بن حيان وغيرهم، ويقول بريفولت Briffault إن مصدر الحضارة الأوربية الحقة هو منهج العرب التجريبي، وأن روجر بيكون درس العلم الإسلامي دراسة عميقة وأنه لا ينسب له أي فضل في اكتشاف المنهج التجريبي في أوروبا وأنه لم يكن إلا واحداً من رسل العلم والمنهج الإسلامي إلى أوروبا المسيحية، كما يؤكد بريفولت على أن منهج العرب التجريبي في عصر بيكون قد انتشر وتعلمه الناس في أوروبا (السويدي، 2000). ويذكر التاريخ بكل فخر صولات وجولات العلماء المسلمين في شتى المجالات العلمية النظرية والتطبيقية على حد سواء، وسطر التاريخ أسماءهم بأحرف من نور على جبين الزمن، وحتى يومنا هذا تذكر دوائر المعارف العلمية العالمية أسماء: الحسن بن الهيثم، وابن سينا، وابن النفيس، وجابر بن حيان، والخوارزمي، والبيروني، والإدريسي، وغيرهم كثيرون ضمن أهم العلماء الذين أثروا الحياة الإنسانية وساهموا في نهضتها وتقدمها وازدهارها على مدار تاريخها الطويل.
وفي عالم اليوم نجد أن صورة الأمة العربية والإسلامية باهتة ولا نقول سوداوية، نظراً لتذيلها لقائمة الأمم المتقدمة صاحبة الحضارة، وخير دليل على ذلك أن قائمة أفضل خمسمائة جامعة في العالم خلت من أي جامعة عربية على الرغم من هذا العدد الكبير من الجامعات العربية في شتى ربوع الوطن العربي، كذلك فإن مراكز البحث العلمي العديدة المتواجدة في العديد من المدن في كل البلاد العربية لم تنتج عالماً واحداً يحصل على جائزة علمية عالمية رغم الإمكانيات البشرية (فلا تنقصنا العقول بدليل قصص النجاح التي يحققها علماؤنا المهاجرون) ورغم الإمكانات المادية الهائلة (خاصة في السنوات السبع الأخيرة التي ارتفعت فيها أسعار النفط لأرقام قياسية لم تصل إليها من قبل ونتج عن ذلك ارتفاع دخول الخليج العربي لأرقام خيالية لم تكن متوقعة وحققت هذه الدول فائضاً في ميزانياتها لم تحققه من قبل)، ورغم كل هذه الإمكانيات الهائلة إلا أن دول الخليج العربية لا زالت لم تشب عن الطوق بعد في مجال البحث العلمي الذي نعنيه والذي يهدف لجعل هذه الدول تأكل من غرس أيادي أبنائها وتلبس مما تغزل أنوال أنامل صبيانها وتسكن في ما تبني سواعد رجالها ليجعل منها حضارة تضارع حضارة الغرب الراهنة ويحسب الجميع لها ألف حساب.
إن حاجتنا إلى الدراسات والبحوث العلمية تزداد يوماً بعد يوم فالعلم، كما هو واضح للجميع، في سباق محموم للحصول على أكبر قدر ممكن من المعرفة الدقيقة المستمدة من العلوم التي تكفل الراحة والرفاهية للإنسان وتضمن له التفوق على غيره، فالوظيفة الأساسية للبحث العلمي هي في تقدم المعرفة من أجل توفير ظروف أفضل لبقاء الإنسان وأمته ورفاهيته (ملحم والغافري، 2005م).
ولا خلاف على أهمية البحث العلمي بصفة عامة. ولاسيما أن هذه الأهمية قد ضاعفت في عصر العولمة. وذلك لأنه الأساس لبناء قاعدة تكنولوجية متقدمة. وهو المفتاح لحل المشاكل التي تواجه المجتمع العربي. والمدخل الحقيقي لعصر المعلومات. والسبيل لرفع القدرة التنافسية في المجالات المختلفة ثم أنه هو العنصر الأساسي لتحقيق تنمية شاملة تعتمد على المعرفة. ورغم ذلك فقد ظلت قضية البحث العلمي في العالم العربي تعاني من أوجه القصور، تتمثل في غياب بيئة حاضنة له، وتشتت مراكزه العلمية ومؤسساته وعدم التنسيق بينها، وقلة الاهتمام بالبحوث العلمية وانفصالها عن الواقع وعن ارتباطها بقضايا المجتمع والتنمية، ونقص التمويل وغياب خطة أو إستراتيجية تقود البحث العلمي وتوجهه (مهناوي، 2005م).
وقبل استقراء واقع البحث العلمي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، نرى أنه من الضروري عرض قراءة موجزة للواقع الاقتصادي والاجتماعي الذي تعيشه مجتمعات دول المجلس، وتتمثل هذه القراءة في النقاط التالية:
-   أن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تعتمد على النفط كمصدر رئيس للتنمية، حيث يعتبر النفط هو المصدر الأساسي للدخل القومي لهذه الدول، ولم تعمد دول المجلس إلى البحث عن مصادر أخرى للدخل القومي أو التوسع في استغلال مصادر أخرى متاحة خاصة وأن النفط يعتبر موردا غير متجدد وسيأتي عليه يوم وينضب مهما طال الزمن أو قصر ومهما كانت الأرقام التي تشير إلى الاحتياطي العالي منه، ولعل المتتبع لهذا الأمر يرصد أقوال بعض العلماء والخبراء في هذا المجال عن قرب نضوب النفط في بعض الدول على مدار الخمسين سنة القادمة.
-   تعد دول المجلس من أكبر الدول استيراداً للمنتجات التقنية في العالم وذلك بسبب ارتفاع مستوى الدخل القومي ومن ثم ارتفاع مستوى المعيشة وعدم وجود رؤية مستقبلية لدى المسئولين تعمل على نقل الوسائل التكنولوجية إلى بلدانهم والعمل على تطويرها بما يتوافق وواقع هذه الدول بدلاً من استسهال استيرادها بسبب توفر السيولة النقدية لدى هذه الدول وبالتالي المكوث تحت رحمة الدول المصدرة للتكنولوجيا إن شاءت منحت وإن شاءت منعت وذلك وفق ما يخدم مصالحها فقط دون النظر إلى أي اعتبارات أخرى.
-   أن دول المجلس لازالت تعاني من قلة الكثافة السكانية بشكل كبير وهذا ما يدفعها إلى اللجوء إلى الاستعانة بالعمالة الأجنبية على نطاق واسع في شتى المجالات ومن جميع أنماط العمالة من أعلى المستويات مثل استيراد الخبراء والاستشاريين في مختلف التخصصات وحتى من أقلها شأناً مثل عمال النظافة والحلاقين وأصحاب دكاكين البقالة والخضر والفاكهة والعاملين في المحلات الكبيرة (السوبر ماركت) وغيرها.
-   أن مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي تعتبر حديثة العهد نسبياً  في دول المجلس وبالتالي لا يتوفر لها الكوادر العلمية والبحثية والفنية بدرجة ملحوظة، لذا نجد ندرة كبيرة في عدد العلماء في مختلف التخصصات وافتقار الموجود منهم إلى المهارات الخاصة بإدارة وتنظيم وتأطير البحث العلمي وتطويره، ففي عام 1994م مثلاً كان معدل العلماء المشتغلين بالبحث العلمي في دول المجلس أقل من 512 عالم لكل عشرة آلاف من مجموع القوى العاملة في الدول الست.
-   في دول المجلس لازال التعليم المرتبط بالتخصص العلمي والتقني في مستوى متدن لا يرقي إلى المستوى المطلوب الذي يعمل على نهضة هذه الدول علمياً، فالطلاب الذين يدرسون العلوم والهندسة في المستوى الجامعي لا يزيدون عن 18% من مجموع الطلاب الذين يلتحقون بالتعليم الجامعي، ولا يتناسب أعداد الخرجين الجامعيين مع احتياجات المجتمعات العلمية ولا يواكب خططها التنموية، ويلاحظ ارتفاع نسبة الخريجين من المتخصصين في العلوم الاجتماعية والإنسانية عن غيرها من باقي التخصصات (58%)، وذلك لاعتقاد الطلاب بأن الدراسة في هذه التخصصات أسهل وأقل تكلفة.
-   أن الحاملين للشهادات العلمية العليا كالماجستير والدكتوراه في مجالات العلوم والتقنية يلتحقون بالعمل في الجامعات كمحاضرين ولا يرغبون بالعمل في المراكز البحثية العلمية، وذلك طلباً للوجاهة الاجتماعية أو لسهولة العمل نسبياً إذا ما قورن بالعمل في المراكز البحثية المتخصصة، ولا يشكل النشاط البحثي في الجامعات أكثر من 5% من العبء الوظيفي لأعضاء هيئة التدريس، وبناءً عليه تنبهت دول المجلس لهذا الأمر وأدركت مدى خطورته، لذلك قامت هذه الدول بتأسيس مراكز للبحوث مستقلة عن الجامعات تكون وظيفتها الأولى والأخيرة هي البحث العلمي فقط.
-   أن البحث العلمي والتطوير التقني بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية حتى الآن لم ينالان حظهما من الدعم المالي إذ هما يأتيان عادة في ذيل قائمة الأولويات.
وباستقراء واقع البحث العلمي في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية نجد أنه وفي السنوات الأخيرة هناك سعي حثيث نحو الاهتمام بالبحث العلمي والباحثين والعملية البحثية بكل أطرافها، وأن هذه الدول قد أدركت أخيراً أهمية العلم والبحث العلمي والتقنية وعلاقة ذلك كله بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها من مجالات التنمية، كما أيقنت أن استيراد العلم والتقنية وزرعهما في مجتمعاتها دون توافر البنية الأساسية من العلماء والمبتكرين والمؤسسات الراشدة القادرة على استغلال هذه التقنية لبناء صرح علمي يقوم على السواعد الوطنية ومن ثم تبدأ مرحلة جديدة من توطين العلم والتكنولوجيا وضمان ذلك تحقيق مبدأ التعاون العلمي والتقني بين دول المجلس خصوصاً في ظل هذا العصر المليء بالثورات العلمية والتكنولوجية وفي ظل عصر العولمة والتقدم اللانهائي في شتى المجالات العلمية والتكنولوجية والالكترونية  حتى بتنا نسمع ما يسمى بالحكومة الإلكترونية والبنوك الالكترونية وأصبح العالم قرية صغيرة، وبالفعل بدأت دول المجلس في إنشاء المراكز البحثية وإعداد الكوادر الوطنية من الباحثين في محاولة منها لمواجهة التحديات العصرية المصيرية واتساع الفجوة المعرفية والمعلوماتية بينها وبين الأمم المتقدمة، وإيماناً منها بأن البحث العلمي لا يقل أهمية عن المجالات الأخرى في تطوير المجتمعات والارتقاء بها إلى مصاف الدول المتقدمة التي قطعت شوطاً كبيراً في هذا السياق.
والبحث كلمة لها مدلول لغوي عام تعني طلب الشيء وإثارته وفحصه وهذه المعاني كلها مجتمعة تشير بالفعل إلى طبيعة البحث العلمي؛ إذ هو طلب للمجهول، يستدعي إثارة كل ما يمكن أن يمد الباحث بمعلومات مفيدة في مجال البحث والتنقيب عنه ثم فحص ما تجمع من تلك المعلومات لطرح ما ليس ذا صلة بالبحث المطلوب وإبعاده ثم دراسة وتحليل ما تبقى مما له صلة مباشرة أو يساعد على دراسة جانب من جوانبه (أبو سليمان، 1987م).
ويأتي الاهتمام بالبحث العلمي لأنه أساس كل عملية تطوير وتحديث. لهذا كان لابد من تطوير منظومته في دول المجلس حيث أن التطوير يهدف دائماً إلى الوصول بالشيء المطور إلى أفضل صورة ممكنة حتى يحقق الأهداف المنشودة منه بفاعلية وكفاءة وليكون له مردود إيجابي على جميع مناحي الحياة بما يحقق سعادة البشرية جمعاء، ويرى (فان دالين، 1996م) أن التطوير ذو طبيعة ديناميكية وحركة متناهية إلى الأمام وفي مرحلة التطوير تتداخل العوامل الاقتصادية والاجتماعية مع النواحي العلمية والخبرة الفنية، وفي نهاية مرحلة التطوير يتم إيجاد نموذج فعلي وعملي لعملية إنتاجية، واقتران البحث العلمي بالتطوير يمكن أن يعرف على أنه نشاط خلاق مبدع ومنسق يجري لزيادة المعرفة العلمية والتقنية للوصول إلى تطبيق جديد أو التخلص من مشكلة قائمة وتنمية العملية الإنتاجية رأسياً وأفقياً. ويرى آخرون أن البحث العلمي يولد نتيجة لحب الاستطلاع، وتغذية الشوق العميق إلى معرفة الحقيقة، وتحسين الوسائل التي نعالج بها مختلف الأشياء، وفي هذا الإطار يعرف الدارسون البحث العلمي بأنه المحاولة الدقيقة الناقدة  للتوصل إلى حلول للمشكلات التي تؤرق البشرية وتحيرها.
ويضيف بعض الباحثين أن البحث العلمي يتكون من شقين هما البحث والعلم، ومصطلح البحث يعني لغوياً الطلب والتفتيش والسؤال والاستقصاء والتحري والوصول إلى معرفة أو حقائق أو مبادئ جديدة ومحاولة معرفة الحقائق والأسس واكتشاف حقائق جديدة بالدراسة العلمية لموضوع ما (السلطان، 1997م)، أما مصطلح العلم فيدل لغوياً على معنى المعرفة والدراسة وإدراك الشيء على حقيقته ومعرفة الحقائق المتصلة به.
ويشير (المبارك، 1419هـ : 1999م) إلى أن البحث العلمي هو الغاية التي تصل إليها المرحلة التعليمية وتنتهي بها، فهو الاجتياز من مرحلة التعلم إلى مرحلة التعليم والانتقال من مستوى المعرفة المكتشفة إلى الوصول إلى المعرفة المضافة.
ويعرفه (الشراح، 2000م) على أنه: الدراسة العميقة والحقيقية لمشكلة من المشكلات التي تواجه المجتمع في أي ميدان من ميادين العلوم الطبيعية والتقنية وفي أي فرع من فروع المعرفة الإنسانية وذلك بإتباع أساليب علمية مقننة.
ومن جانبناً نرى أن البحث العلمي نشاطاً علمياً يتناول بالفحص والدراسة المتعمقة وفق منهجية علمية سليمة مشكلة ما من المشكلات الملحة والتي تشكل عقبة في سبيل التطور العلمي والتكنولوجي لدولة أو مؤسسة أو هيئة ما والخروج بحلول جذرية تؤدي إلى ـ أو حتى تساهم في ـ حل تلك المشكلة.
ويذكر (الحمودي والمعتاز، 2000م) في معرض تصنيفهم للبحوث العلمية أن الأبحاث العلمية التقنية تشمل المجالات التالية:
-   البحوث الأساسية: وهي أبحاث أصيلة تركز على زيادة المعرفة في مجالات متعددة بصرف النظر عن إمكانية تطبيقها عملياً أو الاستفادة الصناعية فيها.
-   البحوث التطبيقية: وهي أبحاث تهدف إلى خدمة الصناعة ويكون الجانب التطبيقي هو الغالب عليها، وتستفيد هذه الأبحاث في الغالب من نتائج البحوث الأساسية، وقد تنشأ هذه البحوث لحل مشكلة صناعية.
-   البحوث التطويرية: وهي بحوث تهدف إلى تطوير التقنية لزيادة الإنتاج أو تحسين نوعية المنتج أو تطوير مراحل الإنتاج الصناعي وأنماطه، أو تبسيط وتسهيل عملية الإنتاج.
ومن حيث الهيئات والمؤسسات البحثية نجد أنه وعلى أرض الواقع تلعب الجامعات الدور الأكبر في القيام بمهمة البحث العلمي لأنه جزء لا يتجزأ من كيانها الثلاثي الأبعاد (التعليم والبحث وخدمة المجتمع) وجاء ذلك استجابةً لمتطلبات وحاجة المجتمعات إما للخروج من كبوتها إثر هزيمة ما أو للحاق بركب الدول المتقدمة أو إنتاج المعرفة في عالم القطب الواحد.
كما يعتبر البحث العلمي إحدى المهام الأساسية التي تميز الجامعات بل ومن خلاله تحظى بالتقدير والمكانة بين مؤسسات المجتمع الأخرى، ويتضمن نشاط البحث العلمي توسيع وتنمية ميادين المعرفة.
ومن هذا المنطلق يجب أن تحدد أولويات البحوث العلمية وفقاً لحاجة المجتمع التنموية الفعلية التي هي بحاجة إلى دراسة ومعالجة للوصول إلى حل للمشكلات التي يعاني منها المجتمع.
وبالنسبة لدول مجلس التعاون لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ومن منطلق استقراءًً واقع البحث العلمي بدول المجلس جاءت توصية الاجتماع الرابع للجنة وكلاء الجامعات ومؤسسات التعليم العالي للدراسات العليا والبحث العلمي بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والذي عقد بجامعة الملك سعود بالرياض عام 1419هـ : 1999م بقيام مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية بالتعاون مع الأمانة العامة لمجلس التعاون بإعداد دراسة لتحديد أولويات البحث العلمي المشترك في مجلس التعاون واقتراح بحوث منها للتعاون المشترك.
ومن خلال رؤية تحليلية لواقع البحث العلمي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية نرى أن ترتكز الورقة الحالية على خمسة محاور رئيسية نرصد من خلالها هذا الواقع وفق ما أتيح لنا من مصادر، هذه المحاور هي:
1-               الواقع الحالي للبحث العلمي بدول مجلس التعاون الخليجي.
2-               الإنفاق ودعم وتمويل البحث العلمي بدول مجلس التعاون الخليجي.
3-               معوقات البحث العلمي بدول مجلس التعاون الخليجي.
4-               معوقات الاستفادة من نتائج البحوث العلمية بدول مجلس التعاون الخليجي.
5-               الآليات التي تحقق الاستفادة من البحث العلمي بدول مجلس التعاون الخليجي.
أولاً: الواقع الحالي للبحث العلمي بدول مجلس التعاون الخليجي
لكي تكون رؤيتنا لواقع البحث العلمي بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية "رؤية تحليلية"، لابد لنا من تحليل هذا الواقع وما آل إليه وذلك بإلقاء نظرة أولية على واقع البحث العلمي على المستويين الدولي والإقليمي ومقارنة ذلك بالواقع الحالي للبحث العلمي بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، حيث نجد أن الحالة الراهنة لواقع البحث العلمي بشكل خاص والواقع العلمي والتقني بشكل عام على المستوى العالمي قد بلغت درجة عالية من التعقيد والتداخل بين مجالات عديدة تمتد من عالم المتناهيات في الصغر على مستوى الذرة والخلية الحية ونواتها، إلى عالم المتناهيات في البعد والكبر على مستوى المجرات والحشود النجومية العملاقة وما يتخللها من ثقوب سوداء في أعماق الفضاء الكوني السحيق ويمتزج البحث في هذه المجالات بمادين أخرى على نفس الدرجة من الأهمية والخطورة تشمل علوم المواد والأجهزة والنماذج والبرمجيات، وأصبحنا نسمع كل يوم تقريباً عن تطور جديد في أبحاث الفضاء، أو الطاقات الجديدة والمتجددة، أو التسليح في الميادين البيولوجية والكيميائية والنووية وغيرها.
          وعلى صعيد الأمة الإسلامية نجد أنها تضم الآلاف من العلماء والباحثين والمهنيين والفنيين وغيرهم من المتعلمين والباحثين الذين يتخرجون سنوياً من الجامعات والمعاهد ومراكز البحوث العلمية والتقنية، إلى جانب تمتع الأمة الإسلامية بمصادر طبيعية متجددة تحقق مصادر ضخمة للدخل القومي لبلدان العالم الإسلامي، إلا أن المشخص للواقع العلمي والتقني لعالمنا الإسلامي لابد له أن يلحظ تدني الجهود المبذولة في البحث العلمي والتطوير من حيث تدني مستوى الإنفاق على التعليم والبحث العلمي، الافتقار إلى البحوث العلمية الجادة، وغيرها كثير من المعوقات التي تحول دون الارتقاء بمستوى البحث العلمي والتقني رغم الإمكانات البشرية والمادية المتاحة.
          وبالنسبة للبلدان العربية يغلب على السياق المجتمعي للبحث والتطوير فيها رهن الثواب على إنتاج المعرفة بوجه عام، بل يساعد هذا السياق على حرف مؤسسات البحث والتطوير والعاملين بها عن الدور النبيل للعلم والبحث في التحرر والنماء من خلال اكتساب المعرفة؛ ولعل السمة الجوهرية للسياق المجتمعي في الدول العربية هي تهميش الناس على أيدي القوى المسيطرة في تلك المجتمعات، ويعود تردي منظومة البحث والتطوير إلى عدد من العوامل منها: قلة التمويل المخصص للبحث والتطوير وهذا من شأنه أن يشل قدرات المؤسسات العاملة بالبحث والتطوير، تردي نوعية الكفاءات العربية في البحث والتطوير، نزيف الكفاءات أو هجرة العقول وخاصة بعد تصاعد العولمة، ضعف البنية المؤسسية للبحث والتطوير، لا يوجد نسق فعال من الدعم التمويلي والترويجي النشط للبحث والتطوير.(فرجاني، 2000)
          ولقد خطت دول مجلس التعاون الخليجي خطوة علمية رائدة، وفي فترة زمنية وجيزة، بإنشاء العديد من الجامعات والمراكز العلمية المتخصصة والهيئات والمؤسسات التربوية والثقافية، كما وأنها أدركت أهمية البحث العلمي والتطوير ونقل التقانة وتوطينها، فعملت على تأسيس مراكز البحوث ومعاهد التقانة والتدريب والمؤسسات الأخرى المساندة، وبالرغم من أن هذه الدول قد أسست مراكز للبحث العلمي وتنمية الطاقات البشرية والإمكانات الذاتية، إلا أن الإنفاق على البحث العلمي وتطوير وسائله لم يكن بالمستوى المطلوب، إلى جانب عوائق أخرى تحول دون تحقيق الأهداف المنشودة على أكمل وجه وتدفع بدور البحث العلمي في مختلف مسارات التنمية نحو مزيد من المصاعب.(العتيبي وغصن، 2000م)
          ويرى العبد القادر وآخرون (2000م) أن البحوث العلمية المنفذة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، رغم كثرتها النسبية، تعاني من وجود العديد من المعوقات في التمويل والتخطيط والتنسيق والذي بدوره يقلل من مساهمتها في خدمة قضايا التنمية المختلفة. ومما يؤسف له أن الكثير من تلك البحوث العلمية يتم إعدادها خارج البيئة الخليجية، حيث أن معظمها إما أن يكون امتدادا لرسائل الماجستير أو الدكتوراه أو يكون هدفها للترقية الأكاديمية، الأمر الذي جعل ارتباطها محدوداً بخطط التنمية في دول المجلس من حيث المواضيع التي تعالجها أو إمكانية تطبيق نتائجها في الواقع المحلي. وتوصلوا إلى مؤشرات عامة لأولويات البحث العلمي المشترك في دول المجلس والتي تعكس ما تم اقتراحه من قبل الجهات البحثية بدول المجلس، وتوضح المؤشرات الأولية في مجال العلوم الزراعية أولوية وأهمية دراسة القضايا والمواضيع المتعلقة بتنمية الموارد المائية والمحافظة عليها، والنخيل، وتنمي المراعي الطبيعية، وتقدير متبقيات المبيدات الزراعية، ودراسة الأصول الوراثية للمحاصيل الزراعية وغيرها. كما توضح المؤشرات في مجال العلوم الإنسانية أولوية دراسة القضايا والمواضيع المتعلقة بأثر الانضمام إلى منظمة التجارة الدولية على اقتصاديات دول المجلس، والتكامل الاقتصادي المشترك وأثره على التنمية الاقتصادية بدول المجلس، وتنمية وتطوير الموارد البشرية الوطنية، والاحتياجات التدريبية للقيادات الإدارية، والإصلاحات المطلوبة في قطاع التعليم، ومشاكل الشباب الأخلاقية وغيرها، وفي مجال العلوم البيئية والهندسية تظهر أولوية دراسة القضايا والمواضيع ذات العلاقة بالتلوث سواءً في المياه الجوفية أو المنتجات الغذائية، والنفايات سواءً البلدية أم الصناعية أم الطبية، واستخدامات مصادر المياه البديلة سواءً الصحية أم الزراعية. وفي مجال العلوم الطبية فقد كان هناك أولوية لدراسة الموضوعات ذات العلاقة بالأمراض المستعصية كالسرطان وأمراض الدم، وصحة الطفل، والتأثيرات الطبية والدوائية لاستخدام الأعشاب في العلاج وغيرها.
          وعلى الرغم من التشابه الواضح بين دول الخليج العربية في الجوانب الثقافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، إلا أننا قد نجد تفاوتاً واضحاً في سياسات أو خطط التنمية فيما يختص بالبحث العلمي، لذا كان لزاماً علينا أن نلقي الضوء ـ في إطار نظرتنا التحليلية ـ على واقع البحث العلمي في كل دولة من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية على حدة:
1- سلطنة عمان:
يوجد العديد من الجهات البحثية التي تقوم على إدارة وتوجيه البحث العلمي بسلطنة عمان، يأتي على رأس هذه الجهات جامعة السلطان قابوس والتي تعد من أفضل الجامعات العربية من حيث المخرجات والكوادر العاملة بها من أعضاء الهيئة التدريسية والباحثين ومعاونيهم الذين يأخذون على عاتقهم مسؤولية البحث العلمي بالسلطنة إضافة إلى القيام بأعبائهم التدريسية، هذا إلى جانب العديد من الكليات الحكومية والخاصة والتي لازال مجال البحث العلمي فيها في أطواره الأولى، كما فتح المجال في السنوات الأخيرة للعديد من الجامعات الخاصة لكي تأخذ مكانها بين المؤسسات التعليمية والبحثية ولكنها لازالت أيضاً في مراحلها الأولي من حيث البرامج البحثية إضافة إلى العديد من الجهات التي تهتم بدعم ورعاية البحث العلمي من خلال المراكز والوحدات المتخصصة، ومن بينها: وزارة الزراعة والثروة السمكية، وزارة البلديات الإقليمية والبيئة وموارد المياه، وزارة التجارة والصناعة، وزارة الاقتصاد الوطني، وزارة الصحة، شركة تنمية نفط عمان.
وإيماناً من الحكومة الرشيدة بأهمية البحث العلمي؛ جاءت السياسات والآليات المعتمدة في خطة التنمية الخمسية السادسة (2001-2005م) والخاصة بالبحث العلمي كما يلي (وزارة الاقتصاد الوطني، 2002م):
-        تشكيل لجنة وزارية لصياغة إستراتيجية متكاملة للبحث العلمي والابتكار.
-        إجراء الدراسات والبحوث بجامعة السلطان قابوس لدعم احتياجات التنمية الشاملة والمستدامة.
-        تطوير مؤسسات المواصفات والمقاييس ومؤسسات الجودة النوعية وإقامة مختبرات جديدة ودعم القائم منها.
-        زيادة عدد الطلبة في التخصصات العلمية والتقنية وتأهيل الكوادر الوطنية في البحث العلمي والتطوير.
-        التعاون مع الدول الأخرى في مجال البحث العلمي والتطوير عن طريق إجراء البحوث المشتركة والتنسيق مع مراكز البحوث الإقليمية والدولية.
-        تسهيل اقتناء القطاع الخاص للتقنية والمعلومات في مراكز البحوث الوطنية والمصادر الأجنبية.
-        إرساء النظم القانونية والإجرائية لحماية حقوق الملكية وتسجيل براءات الاختراع.
-        تقديم الحوافز والإعفاءات الضريبية والجمركية على نفقات البحث العلمي.
-        توفير خدمات البنية التحتية العلمية، وتوفير الخدمات المركزية مثل خدمات التصميم والحاسب الآلي والاستشارات الفنية.
-        إيجاد آلية مناسبة لتوفير التمويل اللازم لنشاط البحث العلمي والابتكار في القطاعين العام والخاص.
وتمثل جامعة السلطان قابوس ـ كما أشرنا ـ أحد أهم الجهات الداعمة والمنفذة للبحث العلمي في السلطنة، ويخضع البحث العلمي بالجامعة لتوجهات الباحثين وميولهم البحثية ويتم دعمها وفق الإمكانات المالية المتاحة، كما شهدت كليات التربية بالسلطنة بدورها لوزارة التعليم العالي اهتماماً بالبحث العلمي وخاصة البحوث التربوية حيث شكلت لجان فرعية للبحوث والدراسات العلمية بالكليات إلى جانب اللجنة الرئيسية للبحوث والدراسات العلمية بالوزارة.
2- دولة الكويت:
يتمثل واقع البحث العلمي بدولة الكويت في ثلاث مؤسسات بحثية هامة تأتي على رأس هذه المؤسسات البحثية جامعة الكويت بما لديها من إمكانات بشرية ومادية هائلة، ثم مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، وأخيراً معهد الكويت للأبحاث العلمية الذي أنشئ في عام 1967م وذلك نتيجة لإدراك الدولة لأهمية البحث العلمي والتقني في دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وقد صدر المرسوم الأميري في 7 جمادى الثانية سنة 1393هـ، الموافق 7 يوليو 1973م بتحديد أغراض المعهد ووضع الأسس العامة لتنظيم شؤونه. وفي ربيع الثاني 1401هـ، الموافق 22 فبراير 1981م صدر المرسوم الأميري رقم 28 بشأن معهد الكويت للأبحاث العلمية ولائحته الداخلية. وقد كرس هذا المرسوم شخصية المعهد الاعتبارية المستقلة وحدد أغراضه وأهدافه (العتيبي وغصن، 2000م).
          ولقد أبرزت الخطة الخمسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية لدولة الكويت للأعوام 1995-2000م، قضية البحث العلمي والتطوير وأهميتها في عملية النمو الاقتصادي والاجتماعي والتقني والبشري في الدولة وتركز الخطط والبنود المتعلقة بهذا الموضوع على المجالات الآتية:
-        تحسين مستوى الكفاءة الإدارية والارتفاع بمعدلات الأداء في كافة وحدات الجهاز الإداري للدولة.
-        تطوير وتنمية مراكز البحوث العلمية وزيادة قدرتها على تطبيق أساليب متقدمة في مجال التمويل والتسويق.
-        الاهتمام بإجراء الدراسات والمسوح الخاصة بالأسواق الخارجية وبمشكلات تسويق المنتجات الكويتية فيها.
-        الاهتمام بتطبيق مبادئ الإدارة العلمية وتكثيف استخدام التقانات الإدارية.
-        تنمية قدرة الأفراد على التفكير العلمي مع توفير الإمكانات البحثية النظرية والتطبيقية.
-        وضع أسس المفاضلة بين البدائل المتاحة لنقل التقانة وتطويعها لظروف البيئة المحلية.
-        بناء قاعدة معلوماتية متطورة وربطها باحتياجات البحث العلمي والتطوير التقني.
-        تنظيم قطاع البحث العلمي وضمان أكبر قدر من التنسيق بين مؤسساته المختلفة.
-        الارتقاء بكفاءة الإنفاق على البحث العلمي.
-        تعزيز دور البحث العلمي في المجالات المتعلقة بحماية البيئة والمحافظة عليها وتطويرها.
-        تنسيق علاقات دولة الكويت بالمنظمات الدولية والإقليمية المعنية بشئون البيئة.
وتجدر الإشارة إلى أن خطة الدولة لم تشر من بعيد أو قريب إلى زيادة الإنفاق على التعليم والتدريب والبحث العلمي، وهذا من شأنه يشكل عائقاً أمام تحقيق أهداف التطور العلمي بالشكل المطلوب.
3- المملكة العربية السعودية:
تولي حكومة المملكة العربية السعودية اهتماماً كبيراً بالبحوث العلمية الرامية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الشاملة، حيث اقترنت بداية ولادة البحث العلمي في المملكة بتطور أنشطة الجامعات؛ خاصة بعد إنشاء جامعة الملك سعود أول مركز بحوث لديها عام 1970م، لكن البداية الحقيقية والمتكاملة للبحث العلمي اقترنت بإنشاء "المركز الوطني للعلوم والتكنولوجيا" عام 1977م والذي أصبح اسمه بعد ذلك "مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية". ويوضح مرسوم إنشاء "المدينة" أنها تعمل وفق أربعة محاور هي:
-   قيادة وتوجيه البحث العلمي وطنياً. ويتضح هذا من خلال إناطة مسؤولية وضع خطة وطنية طويلة الأمد لتطوير العلوم والتقنية في المملكة وكذلك متابعة تنفيذها إلى المدينة.
-        دعم البحث العلمي وطنياً، ويتضح هذا من خلال برامج المنح العلمية والبحثية في المدينة، وتمويلها لمشروعات بحوث لمختلف الجهات الوطنية.
-        القيام بالبحث العلمي مباشرة من خلال معاهد البحث لديها والتي وصل عددها إلى سبعة معاهد.
-   توفير الخدمات العلمية والتقنية مثل فحص وتسجيل براءات الاختراع على المستوى الوطني وتوفير قواعد المعلومات الوطنية، والارتباط بالشبكة العالمية للإنترنت (الرشيد وآخرون، 2000م).
والأهداف التي أنشأت من أجلها المدينة عديدة ومتنوعة فهي تهدف إلى دعم وتشجيع البحث العلمي بما يتناسب مع متطلبات التنمية الشاملة في المملكة، والتنسيق بين أنشطة المؤسسات والمراكز الأخرى لتحديد الاستراتيجيات واقتراح السياسات الوطنية في مجال العلوم والتقنية من أجل بناء قاعدة علمية تقنية متينة بالمملكة، وتقوم المدينة بمهام عديدة لتحقيق هذه الأهداف عن طريق اقتراح السياسة وإعداد إستراتيجية البحوث والتقنية، وتقديم منحاً لإجراء بحوث علمية، وتساعد القطاع الخاص في إجراء البحوث اللازمة لتطوير الإنتاج والخدمات إلى جانب تدعيم برنامج البحوث المشتركة بين المملكة والمؤسسات العلمية الإقليمية والدولية بهدف مواكبة التطور العلمي العالمي، وتشمل الأنظمة الفنية جميع العناصر المتعلقة بالبحوث من إعداد للأولويات البحثية إلى تقديم المقترحات ودراستها واختيار المناسب منها للدعم والضوابط التي تحكم تنفيذ البحوث حتى تقديم التقارير النهائية (العبد العالي، 2000، ص ص: 4-7).
ويشير الرشيد (1999) إلى أن مراحل دعم البحث العلمي وتحديد أولوياته بمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية مرت بثلاث مراحل هي كالتالي:
المرحلة الأولى: مرحلة بداية الدعم والتي امتدت من عام 1399هـ (1979م) حتى عام 1406هـ (1986م) وشملت برامج المنح السنوية من الأول حتى الثامن كانت تلك الفترة الزمنية بمثابة مرحلة تأسيس الهدف منها تكوين القاعدة البحثية في المملكة من تجهيزات وإعداد القوى البشرية العاملة في مجال البحث.
المرحلة الثانية: مرحلة توجيه البحوث وفق الاحتياجات والتي بدأت منذ عام 1407هـ (1987م) واستمرت حتى عام 1417هـ (1997م) وشملت برنامج المنح السنوي التاسع وحتى السابع عشر. بدأت هذه المرحلة بعمل آلية جديدة للتنسيق مع الجهات الحكومية، تتمثل في الحصول على الموضوعات التي ترى تلك الجهات أنها تستحق الدراسة والبحث.
المرحلة الثالثة: تشكيل مجاميع عمل تخصصية والتي بدأت عام 1418هـ (1998م) وشملت برنامج المنح السنوي الثامن عشر. حيث قامت المدينة بوضع آلية جديدة لتحديد أولويات البحث العلمي في المجالات المختلفة، وذلك بتشكيل مجموعات عمل تخصصية، تضم متخصصين من المدينة والجهات الحكومية والجامعات والقطاع الخاص (الرشيد، 1419هـ، ص ص: 27-29).
ويوجد بالمملكة العديد من معاهد ومراكز البحث العلمي المتخصصة التي تقوم على أكتافها منظومة البحث العلمي بالمملكة فعلي سبيل المثال في مجال الزراعة والمياه هناك مالا يقل عن 21 مركزاً أو وحدة بحث، 8 منها تتبع إدارياً للجامعات. وفي المجال الصحي هنالك 6 مراكز بحثية. وفي مجال العلوم الاجتماعية والإنسانية هناك 17 مركزاً تتبع الجامعات وبعض الهيئات التعليمية الأخرى (الرشيد وآخرون، 2000م)، ومن أمثلة هذه المعاهد والمراكز: معهد بحوث الطاقة، معهد بحوث الفلك والجيوفيزياء، معهد بحوث الفضاء، معهد بحوث البترول والبتروكيماويات، معهد بحوث الطاقة الذرية، معهد بحوث الموارد الطبيعية والبيئية، معهد بحوث الحاسب والإلكترونيات، مركز الأبحاث والتدريب في المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة، مركز الملك فيصل للبحوث والحضارة الإسلامية، مكتب التربية لدول الخليج العربي، مركز البحوث والدراسات الإسلامية في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، أكاديمية الأمير نايف الأمنية، مركز الحج، مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة وغيرها إضافة إلى مراكز الأبحاث في بعض المؤسسات الحكومية والمستشفيات والجمعيات المختلفة، وتقوم هذه المراكز البحثية بدعم البحث العلمي المتخصص ولها مساهمات فعالة في دفع حركة البحث العلمي في البلاد، وقد بلغ عدد المؤسسات الخاصة بالبحث والتطوير التابعة للوزارات أربعة وأربعين مركزاً ومعهداً وبرنامجاً، منها عشرون في القطاع العام (الحمودي والمعتاز، 2000م، ص: 108)، كما تلعب الجامعات السعودية دوراً بارزاً في مجال البحث العلمي بالمملكة حيث تمثل هذه الجامعات بما يتوافر لديها من إمكانات مادية وبشرية أحد الدعامات الأساسية للبحث العلمي بالمملكة إضافة لكونها مؤسسات تعليمية تعمل على تخريج الكوادر التي تبني النهضة العلمية في المملكة، حيث أنها تقوم بأداء رسالتها في مجال البحث العلمي على أكمل وجه وبرز هذا الدور منذ إنشاء مراكز للبحوث العلمية، وقد جاءت المواد (1، 15، 20، 28، 34، 53، 54) من نظام مجلس التعليم العالي والجامعات مشيرة إلى دور الجامعات السعودية في تقدم البحث العلمي (نظام مجلس التعليم العالي والجامعات، 1414هـ)
كما نصت اللائحة الموحدة للبحث العلمي 1419هـ (1999م) على إنشاء عمادة باسم "عمادة البحث العلمي" في كل جامعة، وتهدف البحوث التي تجرى في الجامعات إلى إثراء العلم والمعرفة في جميع المجالات النافعة، كما دعت هذه اللائحة إلى حفز الباحثين على إجراء البحوث الأصيلة والمبتكرة التي تسهم في إثراء المعرفة المتخصصة وخدمة المجتمع، وتوفير سبل إنجاز ذلك (الحمودي والمعتاز، 2000).
4- دولة الإمارات العربية المتحدة:
دولة الإمارات العربية المتحدة من أكثر دول مجلس التعاون الخليجي أخذاً بأساليب العلم والمعرفة ومؤسساتها التعليمية والعلمية والبحثية على حد سواء تقوم على أسس راسخة، ومن هذا المنطلق تمثل جامعة الإمارات العربية المتحدة إحدى أهم المؤسسات التعليمية البحثية الداعمة والمنفذة للبحث العلمي في دولة الإمارات، كما يمثل مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية علامة بارزة في إعداد البحوث والدراسات المتخصصة التي تعالج المستجدات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتعلقة بالدولة.كما تنحصر اهتمامات وأولويات هيئة أبحاث البيئة والحياة الفطرية وتنوعها البيولوجي ومراقبتها وتقديم الاقتراحات والتوصيات والدراسات اللازمة للحفاظ عليها وتنميتها.
5- مملكة البحرين
من الحقائق المسلم بها أن مملكة البحرين من بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تعد أصغر دول الخليج مساحة، وعلى الرغم من ذلك فإنها تعد من أكثر دول الخليج تطورا في مجال التعليم والبحث العلمي ، ويمكن إجمال المؤسسات التعليمية والبحثية التي تقوم بدعم وتنفيذ البحث العلمي في مملكة البحرين في: جامعة البحرين وجامعة الخليج العربي ومركز البحرين للدراسات والبحوث. حيث تقوم جامعة البحرين بتنفيذ البحوث بناءً على الحاجة الملحة لتنفيذ بحث معين في مجال معين من المجالات البحثية المختلفة سواء كانت نظرية أو علمية تجريبية تطبيقية، وحسب ما يقدم من مقترحات من قبل أعضاء الهيئة التدريسية، ومن ثم يتم النظر في إمكانية تمويله وفق الإمكانات المتاحة في الجامعة، أما في جامعة الخليج العربي فقد قام مجلس أمناء الجامعة عند إنشائها بوضع الخطوط العريضة للأولويات البحثية، ومن ثم يقوم المختصون في التخصصات المختلفة بالجامعة بوضع تفصيل أكثر لهذه الأولويات وتوجيه بحوث طلاب الدراسات العليا نحو تحقيقها. أما في مركز البحرين للدراسات والبحوث فقد تم فتح المجال أمام الباحثين لتقديم بحوثهم وفق ما يرونه من مواضيع هامة خلال الفترة من عام 1984-1991م، قبل أن يتم تعليق العمل بالبرنامج لأسباب مالية. ولا زال العمل جارياً منذ عام 1998م لرفع التعليق عن البرنامج ووضع تصور لآلية دعم البحث العلمي وتحديد موضوعات أولوياته والتركيز على المواضيع ذات الأهمية الإستراتيجية كالمياه والبيئة وغيرها.
6- دولة قطر
تعبر دولة قطر من أعلى دول مجلس التعاون الخليجي من حيث الدخل القومي، وفي الآونة الأخيرة خطت دولة قطر خطوات واسعة في مجال التعليم العالي والبحث العلمي، ولكن حتى الآن تمثل جامعة قطر إحدى الجهات الداعمة والمنفذة للبحث العلمي، حيث يتم تنفيذ ودعم البحوث العلمية في جامعة قطر بأسلوبين أحدهما من خلال ما يقدمه أعضاء هيئة التدريس في الجامعة من بحوث ينظر في دعمها وفق الإمكانات المتاحة، والأسلوب الآخر من خلال تنفيذ بحوث للقطاع الصناعي يتم دعمها بالكامل من القطاع الصناعي وبناءً على طلبه ووفق احتياجاته (العبد القادر، 2000).
ثانياً: الإنفاق ودعم وتمويل البحث العلمي بدول مجلس التعاون الخليجي
يعتبر البحث العلمي من أهم العوامل المؤثرة في تقدم الأمم وازدهارها، وما من شك أن الأمة التي تعنى بالبحث العلمي ومدخلاته ومخرجاته على حد سواء هي أمة في سبيلها لأن تصبح أمة متقدمة مزدهرة، هذا إذا لم تكن كذلك بالفعل، حيث يقاس تقدم الأمم بما وصلت إليه من تقدم في مجال البحث العلمي والذي يعود بالفائدة على المجال الصناعي والتقني ومن ثم تقدم الأمم وازدهارها.
ولكي يقوم البحث العلمي بدورة في نهضة الأمم وتحضرها لابد لهذه الأمم من تحديد وتخصيص الموازنات العامة التي يتم من خلالها دعم وتمويل والإنفاق بسخاء على البحث العلمي ومنظومته المتكاملة من باحثين وفنيين وأماكن البحث (الجامعات والمراكز البحثية المتخصصة) ونحو ذلك من عناصر العملية البحثية، وحيث أن الدعم والتمويل والإنفاق على البحث العلمي يعد من أهم العوامل التي إن كان أداؤها على الوجه المطلوب كانت النتيجة المرجوة أقرب إلى المأمول، هذا ويعد الإنفاق على البحث العلمي أحد المؤشرات الرئيسية للحكم على مدى اهتمام الحكومات بالبحث العلمي والتطوير التقني (الرشيد،1418هـ).
وقد وضعت الأمم المتحدة في مؤتمرها عام 1980م مؤشرات لقياس الإنفاق على البحث العلمي، قدرته بـ 1% بالنسبة للدول النامية كمدخل يساعدها على النهوض إلا أن الدول النامية ومنها الدول العربية بالطبع لم ترق إلى هذه النسبة (إبراهيم بدران،2000م).
إن المتأمل لحالة الإنفاق على البحث العلمي في الدول العربية بشكل عام ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بشكل خاص ومقارنة ذلك بالإنفاق على البحث العلمي بدول العالم المتقدم ونعني بهذه الدول بالطبع كل من الولايات المتحدة الأمريكية ودول الإتحاد الأوربي إضافة لليابان والصين والنمور الأسيوية (كوريا، ماليزيا، سنغافورة، وغيرها)، يجد أنه لا مجال للمقارنة، أو أن المقارنة ستكون في غير موضعها، ويمكن توضيح ذلك في النقاط التالية:
-   يقدر إنفاق الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي واليابان على البحث العلمي والتطوير التقني ما يقارب 500 مليار دولار سنوياً (كانت 417 ملياراً من الدولارات في عام 1996) وهو ما يتجاوز ثلاثة أرباع إجمالي الإنفاق العالمي بأسره على البحث العلمي والتطوير، وبتدقيق نسب الإنفاق على البحث العلمي نجد أن هناك اختلاف واضح في هذه النسب بين الدول، حيث نجد أن الإنفاق على البحث العلمي تزداد نسبته بين الدول الصناعية الكبرى والتي تسمى بمجموعة السبعة وهي الولايات المتحدة، اليابان، المملكة المتحدة، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، كندا، حيث تبلغ قيمة الإنفاق على البحث العلمي ما تتراوح نسبته 1,27% كأقل متوسط في إيطاليا، 2,91% كأعلى متوسط وكانت في اليابان، وذلك خلال الفترة من 1990م وحتى 1998م بمتوسط مقداره 2,17%.
-    وتراوحت نسبة الإنفاق على البحث العلمي في الولايات المتحدة الأمريكية مابين 2,77% في عام 1990م ، 2,5% عام 1998م من إجمالي الدخل الوطني، بينما تراوحت هذه النسبة في اليابان مابين 3,35% في عام 1990م ، 2,8% في عام 1994م من الدخل الإجمالي الوطني.
-   في كوريا الجنوبية، لم يكن الإنفاق على البحث العلمي والتطوير التقني في بداية الستينات يتجاوز 0,2% من الناتج المحلي الإجمالي ونتيجة لاهتمام الحكومات المتعاقبة بالبحث العلمي والتطوير العلمي في شتى صوره ارتفع الإنفاق إلى حوالي 5% عام 2000م، وهذا يوضح لنا سر التقدم المذهل الذي حققته كوريا الجنوبية في المجال الصناعي والتقني في السنوات الأخيرة.
-         رفعت الصين نسبة إنفاقها على البحث العلمي والتطوير التقني من 0,5% من إجمالي الناتج المحلي عام 1995م إلى 1,5% في عام 2000م.
-   تنفق ماليزيا ما يقرب من 2 مليار دولار سنوياً على قطاعات الاتصالات والمعلومات فقط، وأصبحت ماليزيا بفضل سياستها البحثية والعلمية والتقنية الدولة الثالثة في العالم من حيث إنتاج رقائق أشباه الموصلات، وأكدت في خطتها المستقبلية لعام 2020م على الأهمية الخاصة للبحث العلمي وعلى العلوم والتقنية في الجهود الوطنية للتنمية الصناعية والمنافسة على المستوى العالمي.
-   وفي البلدان العربية بشكل عام ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بشكل خاص لا توجد أرقام وإحصاءات دقيقة عن حجم الإنفاق على البحث العلمي والتطوير التقني، وذلك بسبب عدم تجديد المفاهيم وتداخل الاختصاصات بين الهيئات والمؤسسات والوزارات وغياب التنسيق بين كل هذه الجهات وبعضها البعض ـ في معظم الأحوال وضعفه في القليل منها، وبالنظر إلى ميزانية البحث العلمي والتطوير في الدول العربية نجد أنها لم تزد عن 750 مليون دولار في عام 1995م، ويشير الرفاعي (1996م) إلى أن معدل الإنفاق على البحث العلمي في الدول العربية والخليجية لا يتعدى 0,3% من الناتج القومي مقارنة ما بين 2,5-4,8% للدول المتقدمة، ومع قلة الميزانيات تلجأ بعض الدول العربية إلى تحويل قسم من مخصصات البحث العلمي من سنة إلى أخرى لعدم استخدامها واستغلالها.
-   وعلى الرغم من أن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية سجلت تطوراً ملحوظاً في مجال التقدم الصناعي، حيث زاد عدد المنشآت الصناعية بها على 7300 مصنعاً تجاوز حجم الاستثمار فيها 80 مليار دولار، يستخدم فيها أحدث التقنيات وتنتج منتجات بمواصفات عالمية، إلا أن هذا التطور الصناعي لا ينم ـ للأسف ـ عن تقدم خليجي في مجال البحث العلمي، لأن كل هذه التكنولوجيات تندرج تحت نوع واحد من التقنيات الصناعية ألا وهي التقنيات المتعلقة بصناعة البتروكيماويات وكل ما يتعلق بالمشتقات النفطية والصناعات التكميلية لها أو الصناعات المترتبة على نواتجها إضافة إلى بعض الصناعات المحلية التي طالتها  يد التطوير ولكنه تطوير محدود في صورة تكنولوجيا بدائية لأجل تحسين صورة المنتج فقط لا غير، أما الصناعات التكنولوجية الثقيلة والمتطورة فهي كلها مستوردة من الخارج ويقوم على تشغيلها وصيانتها كتائب جرارة من العاملين والفنيين الأجانب، وليس أدل على ذلك من كم الخبراء والباحثين الذين تمتلئ بهم معظم ـ إن لم يكن كل ـ المراكز البحثية والمؤسسات والشركات الصناعية في دول المجلس.
ويمكن توضيح ما تعانيه دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية من ضعف في مجال الإنفاق على البحث العلمي والتطوير التقني من خلال تحليل الأرقام الخاصة بالإنفاق ودعم وتمويل البحث العلمي فيها، بذكر بعض الأمثلة لبعض دول المجلس ـ بقدر ما أتيح لنا من إحصاءات ـ وذلك على النحو التالي:
1- في المملكة العربية السعودية:
          لا يختلف الإنفاق على  البحث العلمي بالمملكة العربية السعودية كثيراً عن بقية الدول العربية، حيث بلغ إجمالي الإنفاق المحلي على البحث العلمي والتطوير خلال عام 1996م حوالي 1284 مليون ريال (342,4 مليون دولاراً) مقارنة بمبلغ 491,1 مليون ريال لعام 1992م وفق ما أوردته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، وبذلك فإن نسبة إجمالي الإنفاق على البحث العلمي والتطوير في المملكة خلال عام 1996م بلغ حوالي 0,25% من الناتج المحلي للملكة والبالغ 510 بليون ريال لنفس العام. وعليه يمكن تقدير نصيب الفرد من سكان المملكة من إجمالي الإنفاق على البحث والتطوير في عام 1996م بـ 19 دولاراً مقارنة بـ 665 دولاراً للفرد بالولايات المتحدة الأمريكية لنفس العام و 649 دولاراً للفرد باليابان في عام 1995م (العبد العالي، 2000م).
          ويشكل الدعم الحكومي للبحث العلمي في المملكة العربية السعودية العمود الفقري لقيام مؤسسات البحث العلمي بدورها، حيث بلغت نسبة الإنفاق الحكومي 96,2% من إجمالي الإنفاق، وساهمت المؤسسات الخاصة بنسبة 3,8% من إجمالي الإنفاق (الخليفة، 1420هـ: 2000م).
          ويتم معظم دعم البحث العلمي في المملكة من خلال مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، والتي يشكل تمويل البحث العلمي للأغراض التطبيقية أحد أهم أهدافها. وتتراوح ميزانية المدينة التي يمكن اعتبارها مخصصة لنشاطات البحث العلمي المختلفة ما بين 236,52 و 399,50 مليون ريال خلال الفترة من 1990م إلى 1999م، وبمتوسط مقداره 282,30 مليون ريال. يتم الصرف من تلك المبالغ على متطلبات إجراء البحوث داخل المدينة في معاهد البحوث المختلفة، ودعم البحوث للمؤسسات خارج المدينة وكذلك الخدمات العلمية التي تقدمها المدينة (العبد العالي، 2000م).
2- في دولة الكويت:
          لاشك أن توفير المخصصات المالية الكافية لأعمال البحث والتطوير أمراً في غاية الأهمية، خاصة وأن عائد الاستثمار في هذا المجال قد لا يظهر إلا في المدى البعيد. وفي دولة الكويت تعتبر مؤسسات البحث العلمي سواء كانت مؤسسات ومعاهد وهيئات مستقلة أو مراكز ووحدات ملحقة ببعض الوزارات هي في معظمها تابعة للدولة، لذلك يتم تمويلها عن طريق تخصيص موازنات مستقلة لها من قبل الدولة.
          وبالرغم من موقع الكويت في صدارة الدول العربية من حيث معدل الإنفاق على البحث العلمي للفرد الواحد (28 دولار للفرد الواحد عام 1992م، 39,5 دولار للفرد الواحد عام 1996م)، واحتلالها للمركز الثالث على الدول العربية بعد كل من الأردن ومصر من حيث نسبة الإنفاق السنوي على البحث العلمي إلى الناتج المحلي الإجمالي، وبالرغم من زيادة حجم الإنفاق على البحث العلمي والتطوير في الكويت وحدوث تقدم نسبي في هذا المجال، إلا أن نسبة الإنفاق على البحث العلمي إلى الناتج المحلي الإجمالي تعتبر ضئيلة للغاية وذلك مقارنة بالدول المتقدمة أو حتى بعض الدول النامية، ولم تصل هذه النسبة إلى النسبة التي أوصت بها الأمم المتحدة 1% (الشراح، 2000م)، حيث إن قيمة الإنفاق على البحث العلمي في الكويت لا تتجاوز نسبة (0,3%) من الناتج الوطني المحلي مقارنة بنسبة (0,76%) في الدول العربية و (0,64%) في الدول النامية (العتيبي وغصن، 2000م).
وكان إجمالي الإنفاق على البحث العلمي من قبل الوزارات والإدارات الملحقة والمستقلة قد بلغ نحو 8,307,401 دينار كويتي عام 89/1990م، ثم زاد حتى وصل إلى نحو 23,140,065 دينار كويتي عام 93/1994م وبنسبة زيادة بلغت نحو 189%، ولكنه بعد ذلك أخذ في التقلب بين الزيادة والنقصان حتى وصل إلى نحو 13,026,760 دينار كويتي عام 98/1999م (الشراح، 2000م).
وأشار البرنامج الحكومي إلى ضرورة دعم برامج البحث العلمي والتقانة والتركيز على تطبيق التقانات الحديثة لزيادة الإنتاج وهذا ينسجم مع البرامج البحثية المعتمدة في معهد الكويت للأبحاث العلمية الذي عمل منذ إنشائه على تنظيم نشاطاته البحثية عبر برامج وخطط إستراتيجية مرحلية الهدف منها تطوير المعهد نحو القيام بتحقيق أهدافه على أكمل وجه وتتركز أنشطة هذا المعهد على أربعة نشاطات رئيسية هي: الدراسات والبحوث العلمية، إسداء المشورة العلمية، تطوير الموارد البشرية، والمحافظة على البنية العلمية للمعهد، وينفذ المعهد سنوياً ثمانون مشروع تعاقدي كمتوسط عام وبإيراد سنوي يعادل 2 مليون دينار.(العتيبي وغصن، 2000)
ويخضع البحث العلمي في جامعة الكويت لتوجهات الباحثين، ويقوم البحث العلمي في الجامعة عبر برنامجين باسم عقود البحوث الخارجية حيث يعني الأول بدعم وتعزيز العلاقة بين البحوث الجامعية والمؤسسات الأخرى في المجتمع من خلال أبحاث تطبيقية تعاقدية لحل مشاكل وقضايا تواجه هذه المؤسسات على أن تتكفل الجهة المستفيدة بما لا يقل عن 50% من إجمالي تكاليف البحث.
كما تعتمد مؤسسة الكويت للتقدم العلمي في ريعها على ما تقتطعه الدولة من نسبة 2% من صافي أرباح الشركات المساهمة الكويتية ومن إيرادات توظيف هذه الأموال والهيئات والوصايا التي تقدم لها من الأفراد والمؤسسات، ويتركز دعم المؤسسة على أولويات عامة في مجالات العلوم البحثية والتطبيقية والتقانة وتدريس العلوم الاجتماعية والسلوكية (جامعة الكويت، 1990).
3- في سلطنة عمان:
          تبلغ نسبة إنفاق السلطنة على البحث العلمي 0,8% من الناتج المحلي الإجمالي وذلك حسب إحصاءات الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) عام 1996م، وهي نفس النسبة التي أشارت إليها إحصاءات وزارة الاقتصاد الوطني في عام 2000م (الربيعي، 2005م)، ويوجد العديد من الجهات بالسلطنة التي تهتم بدعم ورعاية البحث العلمي من خلال المراكز والوحدات المتخصصة التابعة للوزارات المختلفة وجامعة السلطان قابوس، ويشكل الدعم الحكومي نسبة عظمى من إجمالي الدعم والتمويل والإنفاق على البحث العلمي في السلطنة وذلك يعود في رأينا إلى حداثة التعليم الخاص في السلطنة المتمثل في بعض الجامعات الخاصة التي بدأت تشق طريقها منذ سنوات قلائل لا تزيد عن السنوات الخمسة، وأن برامج البحث العلمي والدراسات العليا لا تزال في طور التكوين، ولكن في السنوات القلائل القادمة من المتوقع أن تشهد السلطنة طفرة هائلة في مجال البحث العلمي والتطوير التقني خاصة وأن الحكومة الرشيدة تقوم على دعم الجامعات الخاصة بمبالغ مالية ضخمة لمساعدتها على أداء رسالتها التعليمية والبحثية على حد سواء.
4- في دولتي قطر والبحرين:
          تعتبر دولتي قطر والبحرين من أصغر دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية مساحة وكذلك أقلهن من حيث عدد السكان وهذا بالطبع يلقي بظلاله على الإنفاق ودعم وتمويل البحث العلمي في الدولتين الخليجيتين، حيث يختلف قيمة ما ينفق على دعم وتمويل البحث العلمي في قطر من سنة لأخرى، حيث كان الإنفاق على البحث العلمي بجامعة قطر وهي المعقل الرئيس للبحث العلمي بدولة قطر كان 3,444,634 ريال قطري في عام 1984م، انخفض إلى نصف القيمة تقريباً في العام 1985م حيث وصل إلى 1,565,329 ريال قطري، ثم أخذ يرتفع تدريجياً حتى وصل إلى 3,229,100 ريال قطري في عام 1988م (الخليفة، 1420هـ: 2000م)، ولكن كل هذا تغير الآن حيث أعلنت قطر أنها ستصل بالإنفاق على البحث العلمي إلى المعدلات العالمية وذلك بإنفاقها ما نسبته 3% من الدخل القومي الإجمالي للدولة اعتباراً من الموازنة القادمة، وهذا من شأنه أن يمثل طفرة كبيرة في مجال البحث العلمي بقطر.
          وفي مملكة البحرين وصل دعم وتمويل والإنفاق على البحث العلمي بجامعة الخليج العربي إلى 100,000 دينار بحريني خلال أعوام 89/1991م، بعد أن كان 5,284 دينار خلال أعوام 83/1985م (الخليفة، 1420هـ: 2000م)، وهذه الأرقام بالطبع تعبر عن حقبة زمنية بعيدة كانت الدول لازالت في مهدها من حيث البحث العلمي والوعي بقيمة البحث العلمي.
وبنظرة تحليلية للأرقام الواردة في شأن الإنفاق ودعم وتمويل البحث العلمي بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية يمكن أن نخلص إلى أن:
-        مصادر دعم وتمويل البحث العلمي لا تزيد عن أربعة مصادر هي:
1-      الإنفاق والدعم والتمويل الحكومي: حيث تخصص الدول جزءاً من ميزانياتها السنوية (يشكل نسبة من الناتج القومي) يتفاوت من عام لآخر حسب الميزانية العامة للدولة للجامعات والمؤسسات البحثية.
2-      التعاقد مع الشركات في القطاعات الإنتاجية والخدمية: حيث يتم التعاقد بين المؤسسات البحثية الحكومية والقطاعات الإنتاجية والخدمية على اقتراح وتنفيذ الأبحاث والدراسات العلمية.
3-      مراكز ووحدات أبحاث في شركات القطاع العام: حيث تنشئ معظم الشركات والمؤسسات الكبيرة ووحدات ومراكز للأبحاث العلمية تساهم في دراسة المشكلات والتحديات التي تواجه إنتاج أو أداء هذه الشركات.
4-      الإعانات والمساعدات الدولية: حيث تقوم بعض المؤسسات والهيئات والمنظمات الدولية بتقديم بعض المساعدات قد تكون على هيئة قروض بسعر فائدة منخفض أو منح لا ترد بهدف تمويل البحث العلمي وذلك وفق اتفاقيات توقع بين المسئولين في الجانبين.
وبالنسبة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية من النادر أن يقوم بإجراء البحوث والدراسات العلمية بتمويل أجنبي عن طريق المساعدات أو القروض، نظراً للفائض في ميزانياتها السنوية فهي لا تعاني أي مشكلة في التمويل ولكن المشكلة في وجوه الصرف.
-   الإنفاق والدعم والتمويل الحكومي يعتبر المصدر الأول لتمويل البحث العلمي في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ويساهم القطاع الخاص بنسب ضئيلة جداً لا تكاد  تصل للطموحات المرجوة خاصة وأن بعض المؤسسات والشركات الخاصة لديها ميزانيات تعادل ميزانيات دول وهي قادرة على دعم وتمويل البحث العلمي في المجالات التي تعمل بها غير أنها لازالت لا تملك الرؤية الإستراتيجية التي تمكنها من خوض غمار الإنفاق على البحث العلمي والتطوير. (يستثنى من هذه القاعدة بعض الشركات القليلة مثل الشركة السعودية للصناعات الأساسية "سابك" بالمملكة العربية السعودية التي ترتكز نشاطاتها في مجال البتروكيماويات والأسمدة والحديد والصلب، وهي شركة ذات رؤية إستراتيجية ويملك القائمين عليها أفقاً واسعة خاصة وأنهم تعتبرون أن الإنفاق على البحث العلمي والتطوير نوعاً من الاستثمار بعيد المدى).
-   البحث العلمي لا يمكن التعبير عنه بمجموعة من الأرقام بصورة مطلقة وإن كانت لها دلالات معينة حيث أن هذه الأرقام في بعض الأحيان لا تعبر عن الواقع وتنقصها الدقة في بعض الأحيان خاصة وأننا لازلنا في دول المجلس لا نملك الإحصاءات الدقيقة، كما وأن الدول تختلف فيما بينها من حيث عدد السكان وإجمالي الناتج القومي فربما تنفق دولة ما نسبة منخفضة من إجمالي دخلها القومي تقل عن النسبة الموصى بها من الأمم المتحدة (1%) وتكون هذه النسبة كافية بل وفائضة وذلك بسبب قلة عدد سكانها وارتفاع إجمالي ناتجها القومي إذا ما قورنت بدولة أخرى تنفق ما يزيد عن النسبة الموصى بها من الأمم المتحدة ولكنها لا ترقى إلى المستوى المطلوب وذلك بسبب قلة ناتجها القومي وزيادة عدد سكانها. لذا فإن الإعتماد كلياً على الأرقام في توصيف حالة البحث العلمي لدولة ما يؤدي في بعض الأحيان إلى استنتاجات غير واقعية، ويفرض على الباحث تفحص الأرقام وآليات جمعها وتطابق مدلولاتها قبل التعميم أو إصدار النتائج. كما يفرض عليه أيضاً النظر إلى مؤشرات أخرى غير رقمية لتكون مقارناته أقرب إلى الواقع.
ثالثاً: معوقات البحث العلمي بدول مجلس التعاون الخليجي
يقصد بالمعوقات في مجال البحوث تلك الموانع العملية الإجرائية التي تؤثر سلباً على القيام بالنشاط البحثي، وتؤثر كذلك سلباً على المخرجات الفعلية للبحث (العوضي وعبد الحافظ 2001). وفي هذا السياق يمكن أن نعرف معوقات البحث العلمي على أنها: كل ما من شأنه التأثير على إجراء أو تنفيذ أو تطبيق البحث العلمي بشتى أنواعه وكافة صوره تأثيراً سلبياً أو تؤثر على من يقوم بالعملية البحثية وتعمل على الحد من قدراته مما يؤدي إلى تأثيرات سلبية على النواتج الفعلية للبحث وتفقده القيمة التي من أجلها رغب في إجرائه.
وبعد الاطلاع على العديد من الدراسات التي تناولت معوقات البحث العلمي في الوطن العربي بصفة عامة ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بصفة خاصة تسنى لنا تحليل والوقوف على بعض المعوقات التي تعوق البحث العلمي والتي تتشابه بدرجة كبيرة بين هذه الدول نظراً للظروف الثقافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية المشتركة بينها.
ففي دراستهما عن خطط وأولويات البحث العلمي في دول مجلس التعاون الخليجي أشار كل من أبو عرفة وعلي (2000م) إلى المشكلات التي يعاني منها البحث العلمي بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ولخصا هذه المشكلات في الآتي: قلة الباحثين القادرين على إدارة البحث العلمي، قلة الميزانيات المخصصة، عدم توفر المراجع والمصادر المعلوماتية، عدم توفر المختبرات والتجهيزات، النقص في الكوادر الفنية المساعدة، غياب التنسيق والتكامل بين مؤسسات البحث العلمي، التأثير السلبي للعلاقات الاجتماعية، المشاكل الإدارية والروتينية، قلة مراكز البحث العلمي، عدم استقرار الباحثين.
وأكد كل من العتيبي وغصن (2000م) في دراستهما عن واقع البحث العلمي بدولة الكويت على أن البحث العلمي بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية  يواجه بالكثير من العوائق التي تحول دون تحقيق الانجازات المنشودة والأهداف المأمولة من البحث العلمي على أكمل وجه وتدفع بدور البحث العلمي في مختلف مسارات التنمية نحو مزيد من المصاعب وهي: استمرار تدني مستوى الدعم المادي، عدم النظر بجدية لدور البحث العلمي واللجوء إلى الخبرات الأجنبية، عدم وجود سياسة علمية وتقانية واضحة ومرسومة الملامح، عدم وجود آليات مناسبة لربط نشاطات ومخرجات البحث العلمي، غياب حوافز الاستثمار لمخرجات البحث العلمي والتطوير، ضيق السوق المحلية لترويج نتائج البحث العلمي والتقني، غياب خطة خليجية شاملة تأخذ بعين الاعتبار مستلزمات الظروف المحلية والإقليمية والدولية.
وأشار المزيني (2000م) في دراسته عن معوقات البحث العلمي بدولة الكويت إلى أنه يمكن تلخيص هذه المعوقات في الآتي: محدودية التمويل، عدم فعالية نظام تسويق مخرجات البحوث، تغيير القيادات بمؤسسات الدولة على فترات قصيرة، عدم تفهم المسئولين بالدولة على اختلاف مستوياتهم بأهمية وعدم وجود سياسات وتوجهات واضحة من قبلهم تجاه البحث العلمي، انخفاض العائد المادي للعاملين في القطاعات البحثية، عدم إيمان بعض القطاعات والمؤسسات الحكومية بقدرات الجهات الحكومية البحثية، بطء الإجراءات التي تتبعها الجهات الممولة.
ولخص الرشيد وآخرون (2000م) أبرز العقبات التي تواجه البحث العلمي بالمملكة العربية السعودية في الآتي: ندرة الخبرات الرفيعة في مجال البحث والتطوير، ضعف وعي المجتمع بأهمية ودور البحث العلمي والتطوير، ضعف الطلب الفعال على أعمال البحث العلمي والتطوير، التحديات الناجمة عن قيود خارجية، التحديات الناجمة عن القيود الداخلية (قيود تتعلق بالمجتمع ككل، قيود ذاتية تتعلق بمراكز وأسرة البحث والتطوير في المملكة).
وفي دراسة الجمالي وكاظم (2004م) التي أجريت بهدف التعرف على معوقات البحث العلمي، تبين أن هذه المعوقات تتكون من خمسة معوقات أساسية هي: معوقات إدارية ومالية، ضعف كفايات الباحث، معوقات تتعلق بالنشر والتحكيم، ومعوقات تتعلق بالغاية من البحث العلمي وأخيراً معوقات تتعلق بالحصول على المعلومات والمراجع.
وفي دراسة هدفت إلى تحديد البنية العاملية لمعوقات البحث العلمي في كليتي التربية والآداب والعلوم الاجتماعية بجامعة السلطان قابوس، وكذلك معرفة مقترحات أفراد العينة لحل تلك المعوقات، توصلت الجمالي وآخرون (2005م) إلى بنية عاملية للمعوقات تتكون من ستة عوامل هي: معوقات إدارية، معوقات النشر والتحكيم، معوقات تخص الباحث، معوقات تتعلق بأعباء الباحث، معوقات تتعلق بالتعاون بين الباحثين والمؤسسات الأخرى، ومعوقات تتعلق بقلة المعلومات.
وتوصل المجيدل (2005م) في دراسته عن معوقات البحث العلمي التي تواجه أعضاء هيئة التدريس في مؤسسات التعليم العالي الحكومية والخاصة بمحافظة ظفار ـ سلطنة عمان، إلى أن المعوقات الإدارية تشكل عائقاً أكثر شدة على أعضاء الهيئة التدريسية، تلتها المعوقات المادية باعتبارها عاملاً تابعاً للمعوقات الإدارية، ثم شغلت المعوقات الذاتية المرتبة الأخيرة.
وباستعراض الدراسات السابقة ومن منطلق "الرؤية التحليلية" لمعوقات البحث العلمي بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، يمكن تحليل هذه المعوقات وتلخيصها في الآتي:
أ‌-        معوقات تتعلق بالعامل البشري: ونعني بالعامل البشري هو كل إنسان يقوم بعمل ما أو وظيفة ما في أي مرحلة من مراحل الإعداد والتخطيط والتنفيذ للبحث وحتى الحصول على النتائج وكتابة التقرير النهائي. فالمخطط للبحث في الجهات البحثية العليا ومن بيدهم صنع واتخاذ القرار بتنفيذ هذا البحث أو ذاك في هذه التخصصات أو تلك ومروراً بفرق الباحثين والمساعدين والمعاونين وغيرهم، هم  جميعاً يمثلون العامل البشري في العملية البحثية. ومن أمثلة المعوقات التي تتعلق بالعامل البشري والتي تؤثر على البحث العلمي: قلة عدد الباحثين، ضعف كفايات الباحث، معوقات تتعلق بأعباء الباحث، النقص في الكوادر الفنية المعاونة أو المساعدة، عدم استقرار الباحثين، معوقات تنتج نتيجة للتأثير السلبي للعلاقات الاجتماعية (علاقات الباحثين مع بعضهم البعض في مجال العمل)، معوقات تتعلق بالتعاون بين الباحثين والمؤسسات الأخرى.
ب‌-      معوقات مالية (مادية): ونعني بها كل المعوقات التي تنتج بسبب العجز المالي في ميزانية البحث العلمي منذ اتخاذ القرار بتنفيذ البحث وحتى الانتهاء منه، وتشمل كل أطراف العملية البحثية (الباحث والكوادر الفنية المعاونة والمكان الذي يجرى به البحث – المعمل أو الحقل أو المصنع)، ومن أمثلة هذه المعوقات: محدودية التمويل أو قلة الميزانيات المخصصة للإنفاق على البحث العلمي، استمرار تدني مستوى الدعم المادي، انخفاض العائد المادي للعاملين في القطاعات البحثية، غياب حوافز الاستثمار لمخرجات البحث العلمي والتطوير، كما ينتج عن المعوقات المالية قلة مراكز البحث العلمي في الأساس، أو عدم كفاية المختبرات والتجهيزات.
ت‌-     معوقات إدارية وقانونية: بالرغم من أن البعض قد يرى أن المعوقات الإدارية يمكن أن تندرج تحت المعوقات المتعلقة بالعامل البشري، إلا أننا نرى أن المقصود هنا بالمعوقات الإدارية هي تلك المعوقات المتعلقة بالنصوص القانونية والإدارية التي تحكم العملية البحثية، فالأزمة هنا في النصوص المقيدة للإبداع العقلي والبحثي والتي تحمل أكثر من تأويل أو تفسير، فهي نصوص في بعض الأحيان غير واضحة وغير قاطعة، وليست فيمن يقوم على تطبيقها مع تسليمنا بأن تفسير وتطبيق النص القانوني أو الإداري يختلف من مسئول لآخر كل حسب فهمه وعقليته وشجاعته في تحمل مسئولياته التي تفرضها عليه واجبات وظيفته. هذا إضافة المعوقات الروتينية الأخرى كتأخر إصدار القرارات أو التغاضي عن توقيع الجزاءات على المقصرين أو عدم تشجيع المثيبين وذلك بذريعة أن هذا عملهم وهم لم يأتوا بجديد.
ث‌-     معوقات تتعلق بعدم وجود رؤية إستراتيجية متكاملة لدى المسئولين: ونعني بها عدم وجود هدف استراتيجي لمنظومة البحث العلمي تشكل سياسة واضحة لدى أصحاب السلطة الأعلى في دول مجلس التعاون، هذا الهدف لا يتغير بتغير الأشخاص أو تغير مواقعهم، وينتج عن ذلك العديد من المعوقات التي تطال جميع جوانب العملية البحثية مثل: تغيير القيادات بالمؤسسات البحثية على فترات قصيرة، عدم تفهم المسئولين بالدولة لأهمية قطاع البحث ودوره في التنمية الشاملة، عدم إيمان القطاعات والمؤسسات الحكومية بقدرات الجهات البحثية على حل جميع المشاكل التي تواجه أي مؤسسة أو هيئة في الدولة، غياب التنسيق والتكامل بين مؤسسات البحث العلمي المختلفة، عدم وجود سياسة علمية وتقانية محددة وواضحة، عدم وجود آليات مناسبة لربط نشاطات ومخرجات البحث العلمي بالواقع الراهن في والدولة والسعي نحو حل ما يصادفها من مشكلات،عدم فعالية نظام تسويق مخرجات البحوث، غياب خطة شاملة تأخذ بعين الاعتبار مستلزمات الظروف المحلية والإقليمية والدولية.
ج‌-      معوقات تتعلق بالبحث كمادة علمية: ونعني بها تلك المعوقات التي تعوق خروج البحث العلمي إلى النور بصورة علمية سليمة مستوفياً كافة الشروط العلمية حتى يكون مرجعاً يعتد به، وهي المعوقات التي تتناول موضوعات النشر والتحكيم من قبل لجان علمية متخصصة تقيم البحث تقييما علمياً وتحكم بنشره في الدوريات العلمية حتى يتاح للباحثين الآخرين الإطلاع عليه والإفادة منه، معوقات تتعلق بقلة المعلومات وصعوبة الحصول عليها، وعدم توفر المراجع والمصادر المعلوماتية بالشكل المطلوب الذي يلبي حاجات الباحث، رغم أن شبكة المعلومات الدولية الآن متاحة في كل مكان إلا أنها وحدها لا تكون كافية، من وجهة نظرنا، حيث لابد من توفر المصادر والمراجع من كتب ومجلات ودوريات محلية وإقليمية ودولية وحسب آخر إصدار حتى يكون الباحث محاط علماً بكل ما يدور من حوله في مجال تخصصه.
رابعاً:معوقات الاستفادة من نتائج البحث العلمي في دول مجلس التعاون الخليجي
تتحدد القيمة الفعلية للبحوث العلمية في تطبيق مخرجاتها من النتائج في الحياة العملية وذلك للارتقاء بالمجتمعات من كافة الجوانب وتحسين الواقع الفعلي بشكل علمي وعملي سليم، ويشير الصوا (2000م) في هذا الصدد إلى المعوقات والتحديات التي تحول أو تحد من استخدام نتائج البحوث العلمية في ثلاثة محاور أساسية تتمثل في الآتي:
أولاً: المعوقات المرتبطة بمنتجي البحوث
ويمكن حصر المعوقات التي تتعلق بالبحوث وجمهور الباحثين ومؤسسات البحث العلمي فيما يلي:
-        عدم أهمية المواضيع المتصلة برسم السياسات بالنسبة للباحثين الأكاديميين.
-   قد لا يتفق الباحث الأكاديمي وصياغته للمشكلة (التي تتأثر في الغالب بمنطلقاته النظرية وأحكامه القيمية، وافتراضاته، ومنهجيته) مع تعريف صانع السياسة لها والتساؤلات التي يطرحها.
-        يستعين الباحث غالباً بدراسات سابقة ربما تم إجراؤها في ظل ظروف خاصة قد تكون بعيدة الصلة بالظروف المتغيرة المحيطة بصانع السياسة.
-        غياب المعايير الموضوعية اللازمة لتحديد أولويات البحث وأهميته، الأمر الذي قد يؤدي إلى استنساخ بحوث يصعب الاستفادة من نتائجها عملياً .
-        عدم الاتساق في نتائج البحوث وتعارضها أحياناً لا يمكن صانع السياسة من تشكيل قاعدة ثابتة وواضحة لاتخاذ قرار ما.
-   محدودية وسائل النشر، فقد تنشر دوريات علمية متخصصة تستخدم في الغالب لغة فنية صعبة وغير مألوفة بالنسبة لصانع السياسة، الأمر الذي قد يحول دون الاستفادة من مخرجاتها.
ثانياً: المعوقات المرتبطة بمستخدمي مخرجات البحوث
وهي تلك المعوقات المتصلة بصانعي القرارات والسياسات أو بمسئولي المؤسسات والدوائر الحكومية التي تستخدم مخرجات البحوث الاجتماعية ويمكن إيجازها فيما يلي:
-   لا يشكل متخذو القرارات وصانعو السياسات الاجتماعية جماعة واحدة متجانسة في معاييرها وقيمها ومعتقداتها، بل يعبرون عن اتجاهات ومواقف متعددة.
-   عزوف صانعي السياسات عن استخدام نتائج البحوث بسبب عدم فهمهم واستيعابهم لها، أو عدم توافقها مع توقعاتهم واهتماماتهم ومواقفهم ومعتقداتهم ومصالحهم الشخصية.
-        يتسم صانعو السياسات بطابع المحافظة والواقعية فيما يتعلق بنظرتهم إلى العالم الخارجي.
-        قد لا تتناسب توصيات الباحثين مع تشريعات وسياسات المؤسسات والمنظمات الرسمية.
ثالثاً: معوقات التواصل بين منتجي البحوث ومستخدميها
وتتمثل هذه المعوقات في الآتي:
-        انتماء العلوم الاجتماعية التطبيقية إلى نظام يختلف عن ذلك الذي ينتمي إليه صانعو القرارات والسياسات في المؤسسات الحكومية.
-        قلة التفاعل والتعاون المنظم بين المؤسسات الحكومية المسئولة عن تطوير سياسة القطاعات المختلفة وبين مؤسسات البحث العلمي.
-        نقص البرامج والحلقات التدريبية المتصلة بمنهجية البحوث العلمية وتقويمها.
-        عدم قدرة الأطراف المكلفة بنقل وتوصيل المعلومات المستخلصة من نتائج البحوث الاجتماعية على تحديد نوعية المعلومات التي يحتاجها صانعو السياسات.
-        محدودية الاتصال بين الباحثين والجهات المستفيدة.
-        هشاشة دور الباحث في عملية صياغة السياسة بناءً على البحث الذي تم إجراؤه.
ويشير المسند (2000م)  إلى الأسباب التي يعزى إليها عدم الاستفادة من نتائج البحوث في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وهي كالتالي:
-   ضعف مساهمة المستفيدين من البحوث (الجهات التنفيذية والإنتاجية) في دعم البحوث ومع أن مصدر الدعم في حد ذاته (كدعم مادي) ليس سبباً في عدم تطبيق نتائج البحوث.
-        طريقة تقويم مقترحات البحوث حيث أن معظم التقويم الفعلي يتم في غالب الأحيان من قبل أكاديميين وباحثين.
-        عدم وجود آلية للإطلاع على البحوث القائمة والمنتهية لدى الجهات البحثية الأخرى بغرض البناء عليها وعدم الازدواجية في عمل البحوث.
-        طريقة نشر نتائج البحوث، حيث يقتصر النشر في أغلب الأحيان على الدوريات والمجلات والمؤتمرات العلمية.
-   صعوبة معرفة ومتابعة التخصصات الدقيقة للمحكمين لتحديث قواعد المعلومات الخاصة بهم، ومن ثم اختيار المحكمين المناسبين من ذوي الكفاءة لتقييم مقترحات البحوث والتقارير الدورية والنهائية بما في ذلك مدى قابلية البحث ونتائجه للتطبيق.
-        التطلع إلى الربح السريع، وضعف روح المغامرة لدى أصحاب رؤوس الأموال من أفراد ومنشآت مما أضعف الاستثمار في نتائج البحوث.
-   ضعف الوعي بخطوات نقل نتائج البحث العلمي من المختبر والتقارير والدراسات إلى التصنيع والإنتاج والتسويق، ويتطلب ذلك إعادة صياغة نتائج البحوث على هيئة أفكار واختراعات تطلب لها الحماية الفكرية وبراءة الاختراع؛ ومن ثم دراسة الجدوى الاقتصادية، ثم التنفيذ أو التصنيع.
يتضح من العرض السابق والذي يتعلق بتشخيص واقع البحث العلمي بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، أن هناك العديد من العوائق التي تعوق البحث العلمي وتطويره والاستفادة من مخرجاته ونتائجه في الواقع المحلي لدول المجلس، وقد أسفر استعراض ودراسة هذه المعوقات من خلال "رؤية تحليلية" عن استنباط عدداً من الإجراءات والآليات الوقائية التي يمكن مناقشتها في محور مستقل هو المحور الخامس من محاور الدراسة الحالية.
خامساً: الآليات التي تحقق الاستفادة من البحث العلمي بدول مجلس التعاون الخليجي
جاءت هذه الآليات كمحصلة طبيعة لتحليل واقع البحث العلمي والمعوقات التي تواجهه وتعمل على الحد من الاستفادة من مخرجاته ونتائجه، وهذه الآليات – من وجهة نظرنا - من شأنها أن تساعد في إيجاد الحلول لمشكلات البحث العلمي بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وتساهم في الحد من هذه المعوقات والمضي قدماً نحو تحسين واقع البحث العلمي حتى تتحقق الأهداف المرجوة للارتقاء بشعوب دول المجلس والذي ينعكس أثره إيجابياًً على دول المنطقة العربية ومن ثم على العالم أجمع لاسيما وأننا أصبحاً قرية كونية صغيرة من السهل على أي منتج مبتكر أن يغزو العالم بكامله بسرعة فائقة في ساعات معدودةً، وتتمثل هذه الآليات والإجراءات في المحاور التالية:
المحور الأول: آليات خاصة بتحسين وتجويد البحوث العلمية.
المحور الثاني: آليات خاصة برفع كفاءة الباحثين.
المحور الثالث: آليات خاصة بدعم والإنفاق على البحوث العلمية.
المحور الرابع: آليات خاصة بتفعيل الاستفادة من نتائج البحوث العلمية.
المحور الخامس: آليات خاصة بالتنسيق والتعاون بين المؤسسات البحثية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
أولاً: الآليات الخاصة بتحسين وتجويد البحوث
في هذا الإطار يمكن القول بأنه ينبغي للجامعات ومراكز البحوث والمدن العلمية للعلوم والتقنية أن تشرع في وضع قواعد ومعايير محددة لجودة البحوث تلتقي مع المعايير العالمية خاصة وأننا مطالبين الآن وأكثر من أي وقت مضى، بتطبيق معايير الجودة في شتى مجالات الحياة وخاصة ما يتعلق بالتعليم والبحث العلمي لأنهما أساس كل معرفة وتطور يشهده العالم في الحاضر والمستقبل، ويمكن إيجاز هذه المعايير فيما يلي:
1-     تقوم مؤسسات البحث العلمي بعمل خرائط بحثية تخص كل مجال على حدة وفقاً لحاجات ومتطلبات المجتمع.
2-  توضع هذه البحوث في صورة مشاريع بحثية وفقاً للأولويات التي تحددها دول المجلس حسب المشكلات التي تعتقد أنها ملحة وذلك في كل مجال على حدة.
3-  تقدم المشروعات البحثية إلى الجهات المختصة لانتقاء الأفضل منها وفقاً لمطابقتها لمواصفات ومعايير الجودة المعمول بها في المؤسسات البحثية العالمية.
4-  يقوم بالإشراف على المشروعات البحثية أثناء عملية التنفيذ هيئة إشراف من العلماء والباحثين المتميزين من ذوي الخبرة في التخصص المراد تنفيذ البحث فيه.
5-  دفع جودة البحوث والدراسات من خلال الالتزام بالمنهجية العلمية، وإتباع الدقة في جمع ورصد البيانات والمعالجات الإحصائية الدقيقة للوصول إلى نتائج صحيحة تتناغم ونتائج الدراسات السابقة وربما تضيف إليها معرفة جديدة تضاف إلى البنية المعرفية في هذا المجال.
6-  تكثيف جهود البحث العلمي عن طريق فرق العمل لأن تكاتف جهود فريق العمل البحثي يؤدي إلى نتائج أفضل فهذا هو المتبع في معظم دول العالم وذلك للوصول إلى عمل مبتكر أصيل، هذا مع الأخذ في الاعتبار الجهود الفردية في البحث وأنها تقوم بدور بارز أيضاً في مجال البحث العلمي.
7-  التزام فريق العمل بالجدول الزمني المخصص لإنجاز البحث وإعداد التقرير النهائي وتقديمه للمؤسسة العلمية التي أوكلت له الإشراف على تنفيذ البحث.
8-     تقوم لجنة من الخبراء المتخصصين في مجال البحث الذي تم تنفيذه بتحكيمه وتقويمه ومن ثم نشره في دوريات علمية محكمة محلية وعالمية على حد سواء.
9-     يجب أن تكون مخرجات ونتائج البحث قابلة للاستخدام والتطبيق في الواقع الفعلي.
ثانياً: الآليات الخاصة برفع كفاءة الباحثين
من المعروف أن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لا تعاني على الأرجح من قلة في عدد الباحثين ولكنها تعاني بالتأكيد من نقص في كفاءة هؤلاء الباحثين في إجراء البحوث العلمية بالطريقة المنشودة، وتتمثل آليات رفع كفاءة الباحثين العلمية في الآتي:
1-  التأهيل العلمي المستمر للباحثين عن طريق إلحاقهم بالدورات التدريبية العلمية التي تقوم بتنظيمها الهيئات والمؤسسات العلمية ويحاضر بها نخبة من الخبراء والمتخصصين في المجالات المعرفية والتقنية المختلفة.
2-     العمل على إرسال الباحثين بصفة دورية إلى مراكز البحوث العالمية للإحاطة بالجديد وذلك في إطار التبادل العلمي المشترك.
3-  يجب تفرغ الباحثين للبحث العلمي وتخفيف الأعباء التدريسية عنهم لأن معظم الباحثين هم من أعضاء هيئة التدريس في الجامعات، ولهذا تأتي نتائج بحوثهم غير جادة لأنها من ناحية تجرى في ظل انشغال الباحث بأعباء العملية التعليمية في الجامعة، ومن ناحية أخرى تجرى هذه البحوث بغرض الحصول على الترقية العلمية إلى الدرجات الأعلى ومن ثم تكون له الأولوية في المناصب الإدارية.
4-  العمل على توفير مصادر المعلومات في شتى صورها بحيث تكون في متناول يد الباحث على مدار اليوم، وعمل قاعدة بيانات يتاح الإطلاع عليها من قبل الباحثين عند الحاجة إليها.
5-  تسهيل اتصال الباحثين في المؤسسات والهيئات البحثية المحلية بمراكز البحوث العالمية وذلك بهدف تبادل المعلومات والخبرات وطلب الرأي والمشورة من الخبراء المحليين والعالميين دون تدخل أو وضع محاذير على ذلك.
6-  الحرص على توفير جميع الإمكانات المادية والمعنوية من مواد وأجهزة متقدمة في كافة التخصصات العلمية وذلك بهدف تسهيل إجراء البحوث في بيئة مناسبة لا تعيقها أي عوائق تؤثر على مخرجات البحث المراد تنفيذه.
7-  تقديم التسهيلات الإدارية للباحثين والتخلي عن البيروقراطية منذ طرح البحث كفكرة قابلة للقبول أو الرفض حسب قيمتها العلمية وحتى تمام تنفيذه، وهذا من شأنه توفير الوقت والجهد لكل من الباحث والمؤسسة البحثية على حد سواء.
ثالثاً: الآليات الخاصة بالدعم والإنفاق على البحوث العلمية
من المعلوم لكل ذي بصيرة أن الإنفاق على البحوث العلمية يمثل أحد أهم مدخلات العملية البحثية التي من شأنها رفع كفاءة وجودة البحوث المنفذة، ولقد ثبت بالتجربة على مدار سنوات عديدة ماضية أن الإنفاق الحكومي على البحث العلمي لا يكفي وحده لبناء قاعدة عريضة وأساسية للبحث العلمي بما يضمن توفير المعرفة والتقنية التي تسهم في حل المشكلات الملحة والطارئة على تلك المجتمعات، لذا كان من الضروري إشراك جهات ومؤسسات وشركات وقطاعات إنتاجية أخرى غير حكومية تسهم في عملية الدعم للمشروعات البحثية والتي بالتبعية تعود بالنفع على هذه القطاعات وبخاصة تلك البحوث التطبيقية التي تخدمها بالدرجة الأولى بما يحقق التطور العلمي والتقني، وتتمثل هذه الآليات في الآتي:
1-  رصد ميزانية للبحث العلمي تضاهي تلك الميزانيات التي تخصص للبحث العلمي في الدول المتقدمة خاصة وأن دول المجلس لا تنقصها الإمكانيات المادية، خاصة مع القصور الواضح في نسبة الإنفاق على البحث العلمي بدول المجلس مقارنة بنسب الإنفاق في الدول المتقدمة.
2-  إعادة النظر في الإجراءات والآليات المستخدمة في دعم والإنفاق على البحوث العلمية، بحيث تتخلى عن البيروقراطية المحبطة والمثبطة لأي عمل في أي مرحلة من مراحله.
3-     إعطاء الباحثين والمشرفين على تنفيذ البحوث صلاحيات مالية أكبر في الإنفاق على البحث بصفة مرحلية وفقاً لمقتضيات الحاجة لذلك.
4-  ضرورة العمل على رصد مكافآت للباحثين ومعاونيهم وفقاً لحجم المهام التي أوكلت لهم وبما يتناسب والمجهود الذي قاموا به أثناء إعداد وتنفيذ البحث.
5-  تسجيل براءات الاختراعات والاكتشافات العلمية للباحثين على شبكة المعلومات الدولية باللغات العالمية الأوسع انتشاراً في العالم، إضافة إلى عمل موسوعة للباحثين بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية للاختراعات والاكتشافات.
6-  تسهيل الإجراءات القانونية التي تشجع القطاعات الحكومية أو القطاعات الإنتاجية الخاصة على شراء براءات الاختراع واستغلال هذا الحق في سبيل التطوير والتحديث.
7-  العمل على الاستفادة من نتائج البحوث العلمية التي تم إجرائها بل وتطبيق هذه النتائج في المجالات المختلفة بما يعود بالنفع على الباحثين مادياً ومعنوياً، ويعود على دول المجلس بالتقدم والازدهار.
رابعاً: الآليات الخاصة بتفعيل الاستفادة من نتائج البحوث العلمية
بالطبع هناك العديد من المعوقات التي تحد من الاستفادة من نتائج البحوث المنجزة بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بالرغم من وجود العديد من البحوث والدراسات العلمية القائمة والمنجزة بالجامعات ومراكز الأبحاث على المستوى الرسمي والمستوى الخاص، ولتفعيل الاستفادة من نتائج هذه البحوث فإنه ينبغي توفر آليات محددة تحقق هذا الهدف وهي كالتالي:
1-  نشر ثقافة البحث العلمي بين أوساط القطاعات العامة والخاصة وتبيان أهميته على الصعيدين المحلي والعالمي في الارتقاء بالمؤسسات والقطاعات الإنتاجية ويتم ذلك عن طريق وسائل الإعلام المختلفة المقروءة و المسموعة والمرئية وغيرها من الوسائل الحديثة.
2-  متابعة البحوث العلمية وإخضاعها للتقويم من قبل المتخصصين في مراحلها المختلفة سواء أثناء مرحلة الإعداد والتخطيط وحتى مرحلة التنفيذ والوصول إلى النتائج وكتابة تقرير البحث بما يضمن جدية الباحثين وحرصهم على الدقة والانجاز.
3-  إدخال نظام التعاقدات البحثية بين الجهات البحثية في الجامعات ومراكز البحوث من جهة وبين الأفراد والمؤسسات والهيئات المستفيدة من البحوث من جهة أخرى حتى يتسنى تسويق الخدمات العلمية ونتائج البحوث.
4-     الإعلان عن نتائج البحوث بشكل دوري كفرص استثمارية لرجال الأعمال المحليين وعلى مستوى العالم أيضاً.
5-     إدخال نظام التبادل العلمي بين المتخصصين من الباحثين في مراكزهم البحثية والقطاعات المستفيدة من تطبيق نتائج البحوث.
خامساً: الآليات الخاصة بالتنسيق والتعاون بين المؤسسات البحثية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية
لقد أدركت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية أهمية العلوم التقنية وعلاقتها بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وقد قطعت هذه الدول شوطاً في سبيل التقدم العلمي والتقني فقامت بإنشاء المراكز البحثية وإعداد الكوادر الوطنية من الباحثين وأعضاء هيئة التدريس بالجامعات إلى جانب زيادة الإنفاق الموجه للبحث العلمي. وبالرغم من ذلك لازالت توجد العديد من المعوقات والتحديات التي تحول دون مزيد من التقدم أو تحقيق التقدم العلمي المأمول. ولتحقيق ذلك ينبغي أن يكتسب التعاون العلمي والتقني بين هذه الدول أهمية كبرى في ظل هذا العصر وما يتسم به من معرفة لانهائية، والطبيعة الاقتحامية للتكنولوجيا وتطور أنظمة الاتصال والمواصلات، وظهور الشركات متعددة الجنسيات ذات القدرة التنافسية الهائلة، والتوسع في الاتفاقات والمعاهدات الرامية إلى تنظيم أوضاع الاقتصاد العالمي، إلى غير ذلك من المتغيرات التي تؤكد على أهمية أن تأخذ دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية مكاناً مميزاً لها في عالم المتغيرات والقطب الواحد ووسيلتها لذلك التنسيق والتعاون بين المؤسسات البحثية بدولها، وتشمل الآليات الخاصة بإحداث هذا التنسيق والتعاون ما يلي:
1-  إنشاء قاعدة علمية للبيانات والمعلومات في المجالات المعرفية المختلفة تضم شتى أنواع المعارف التي تم التوصل إليها محلياً وعالمياً؛ وتضم هذه القاعدة ببلوجرافيا بأسماء الباحثين والعلماء بدول المجلس وسيرهم الذاتية وأبحاثهم المنجزة والحالية التي تحت الإنجاز، وتكون متجددة باستمرار يضاف إليها ما يستجد من أبحاث، ويكون لهذه القاعدة العلمية شبكة معلومات خاصة بهذه الدول.
2-     عمل مشروعات بحثية مشتركة تخدم القضايا المشتركة التي تهم دول المجلس.
3-  إنشاء جهاز لدعم البحوث العلمية على مستوى دول المجلس ومتابعة الإنفاق أثناء مراحل إجراء البحث العلمي( التخطيط، التنفيذ، الحصول على النتائج).
4-  إنشاء مركز للتفوق في العلم يضاهي مؤسسة وايزمان بأمريكا أو معهد زتخينونس في إسرائيل، أو المؤسسة التكنولوجية في الهند وغيرها. هذا المركز من شأنه أن يحتضن المتفوقين والمبدعين من أبناء دول المجلس يتم فيه تربية وتنمية العقول التي يمكن أن تنتج العلم وتصنع التقنية لا أن تستورده وتقتنيه دون فائدة.
5-  ربط منظومة البحث العلمي بغيرها من المنظومات التنموية في المجال الاقتصادي، والسياسي، والاجتماعي، والثقافي. وذلك على المستويين المحلي والعالمي.
6-     تحديد إستراتيجية واضحة للبحث العلمي والتنمية التكنولوجية بدول المجلس ترتبط بإستراتيجية التنمية الموحدة.
7-     عقد المؤتمرات الدورية والحلقات النقاشية لمناقشة ما استجد في مجالات البحث المختلفة والاطلاع على ما تم إنجازه من أبحاث.
8-  ضرورة وجود إصدار علمي (مجلة شهرية أو ربع سنوية مثلاً) تطرح فيها المشروعات العلمية والبحثية والمعلومات المتعلقة بالبحوث مثل ميزانية كل بحث ومدة التنفيذ والجهة صاحبة التمويل (شركة أو قطاع حكومي أو خاص)، وأن يتم تقديم العطاءات من المراكز البحثية المختلفة بدول مجلس التعاون واختيار الأنسب منها للقيام بتنفيذ المشروع البحثي.

 
الخلاصة
استهدفت الورقة الحالية تحليل واقع البحث العلمي بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية من خلال "رؤية تحليلية" اشتملت على خمسة محاور رئيسية هي: الواقع الحالي للبحث العلمي بدول مجلس التعاون الخليجي، والإنفاق ودعم وتمويل البحث العلمي بهذه الدول، ومعوقات البحث العلمي بدول المجلس، وأيضاً معوقات الاستفادة من نتائج البحث العلمي بتلك الدول، وأخيراً الآليات التي تحقق الاستفادة من البحث العلمي، وهذا المحور الأخير يمثل رؤية الباحثان لحل – أو المساعدة في حل- بعض المشكلات التي تواجه البحث العلمي بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وهذه الرؤية جاءت كمحصلةً لما قام به الباحثان من قراءة دقيقة ومتأنية لواقع البحث العلمي بدول المجلس ومن خلال تطوافهم على العديد من الدراسات التي أجريت بهذه الدول وتناولت موضوع البحث العلمي والمعوقات التي تواجهه وتواجه الاستفادة من مخرجاته ونتائجه حيث قاما بتصنيف هذه المعوقات واقتراح الآليات التي يمكن من خلال تطبيقها التغلب على العديد من تلك المعوقات بهدف الوصول بالبحث العلمي إلى ما نصبو إليه جميعاً من تقدم وازدهار وهذا من شأنه أن يرفع هامة أمتنا ويضعها ويضعنا معها في مصاف الدول المتقدمة، ونعتقد أن هذا لن يكون ببعيد عنا لأن الخطوة الأولى قد أخذت والقدم على الطريق إن شاء الله.
المراجع:
1- أبو سليمان، عبد الوهاب إبراهيم: كتابة البحث العلمي ـ صياغة جديدة، ط3، دار الشروق، جدة، 1987م.
2- أبو عرفة، عدنان غازي وعلي، علي عبد الكريم محمد: خطط وأولويات البحث العلمي في دول مجلس التعاون الخليجي، ندوة البحث العلمي في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية: الواقع، والمعوقات، والتطلعات، الرياض، 2000م.
3- الجمالي، فوزية عبد الباقي وكاظم، علي مهدي: معوقات البحث العلمي في جامعة السلطان قابوس ومقترحات حلها، المجلة العربية للتربية، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، تونس، 24 (1)، 2004م، ص ص: 45-84.
4- الجمالي، فوزية عبد الباقي وآخرون: معوقات البحث العلمي لدى أساتذة كليات التربية ومقارنتها بمعوقات أساتذة التربية بجامعة السلطان قابوس، الندوة العلمية المشتركة الثالثة بين كليتي التربية بالرستاق وصحار "البحث العلمي في كليات التربية ـ الواقع والآفاق" سلطنة عمان، 2005م، ص ص: 39-74.
5- الحمودي، خالد بن عبد الرحمن والمعتاز، إبراهيم بن صالح: دعم وتمويل البحث العلمي في الجامعات السعودية. تجربة مراكز البحوث في جامعة الملك سعود، ندوة البحث العلمي في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية: الواقع، والمعوقات، والتطلعات، الرياض، نوفمبر 2000م.
6- الخليفة، ناصر صالح: البحث العلمي في المملكة، مجلة التدريب والتقنية، العدد الثامن: 1420هـ.
7- الربيعي، سعيد بن حمد: مستقبل البحث العلمي في مؤسسات التعليم العالي في سلطنة عمان: تصور مقترح. الندوة العلمية المشتركة الثالثة بين كليتي التربية بالرستاق وصحار "البحث العلمي في كليات التربية ـ الواقع والآفاق" سلطنة عمان، 2005م، ص ص: 75-127.
8- الرشيد، عبد الله أحمد: دعم البحث العلمي، مجلة العلوم والتقنية (41) ، 1418هـ: 1998م، ص ص 45-49.
9- الرشيد، عبد الله أحمد: أولويات البحوث في الجهات المانحة بالمملكة؛ تجربة مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، وقائع ندوة تخطيط وإدارة البحوث، 1419هـ :1999م، ص ص: 27-29.
10- الرشيد، عبد الله أحمد والسليمان، خالد محمد وهنداوي، محمد منذر: البحث والتطوير نشأته، ومجالاته، ومعوقاته، وتحدياته، تجربة إعداد الخطة الوطنية للعلوم والتقنية في المملكة العربية السعودية، ندوة البحث العلمي في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية: الواقع، والمعوقات، والتطلعات، الرياض، نوفمبر 2000م.
11- الرفاعي، أحمد: التقرير العربي الموحد في مناهج البحث العلمي، دار وائل للطباعة، القاهرة، 1996م.
12- الشراح، رمضان: الإنفاق على البحث العلمي وسبل تنويع مصادره في دولة الكويت، ندوة البحث العلمي في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية: الواقع، والمعوقات، والتطلعات. الرياض، نوفمبر 2000م.
13- الصوا، غازي: استخدام مخرجات البحوث العلمية في صياغة السياسات الاجتماعية نحو تحليل نقدي للأنماط والمعوقات، ندوة البحث العلمي في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية: الواقع، والمعوقات، والتطلعات، الرياض، نوفمبر 2000م، ص ص: 531-558.
14- العبد العالي، عبد الرحمن بن إبراهيم: أنظمة دعم ومتابعة البحوث في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، ندوة البحث العلمي في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية: الواقع، والمعوقات، والتطلعات، الرياض، نوفمبر 2000م، ص ص: 3-25.
15- العبد العالي، عبد الرحمن بن إبراهيم: الإنفاق على البحث العلمي عالمياً ومحلياً، ندوة البحث العلمي في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية: الواقع، والمعوقات، والتطلعات، الرياض، نوفمبر 2000م، ص ص: 331-348.
16- العبد القادر، أحمد بن محمد والبابطين، عبد العزيز بن عبد الوهاب والقريشي، عبد الرحمن بن علي والزرعة، عبد الله بن إبراهيم والحويظر، إبراهيم بن سعد: أولويات البحث العلمي المشترك في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. ندوة البحث العلمي في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية: الواقع، والمعوقات، والتطلعات، الرياض، نوفمبر 2000م.
17- العتيبي، عبد الهادي و غصن، أحمد: واقع البحث العلمي بدولة الكويت، ندوة البحث العلمي في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية: الواقع، والمعوقات، والتطلعات، الرياض، نوفمبر 2000م، ص ص: 26-37.
18- المبارك، راشد عبد العزيز: معاهد ومراكز البحث العلمي في المملكة العربية السعودية، مؤتمر المملكة العربية السعودية في مائة عام، الرياض، (1419 هـ: 1999م).
19- المجيدل، عبد الله: معوقات البحث العلمي في مؤسسات التعليم العالي الحكومية والخاصة، الندوة العلمية المشتركة الثالثة بين كليتي التربية بالرستاق وصحار "البحث العلمي في كليات التربية ـ الواقع والآفاق" سلطنة عمان، 2005م، ص ص: 75-127.
20- المسند، عمر بن عبد العزيز: خطوات عملية نحو تفعيل نتائج البحث العلمي في دول الخليج العربية، ندوة البحث العلمي في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية: الواقع، والمعوقات، والتطلعات، الرياض، نوفمبر 2000م.
21- بدران، إبراهيم: في حواره حول "حالة الأمة تكنولوجياً عام 2000م" يوضح الأحوال المتردية لوضع البحث العلمي في الأمة العربية، ومعوقات توطين التكنولوجيا ومن ثم فرصة هذه الأمة في إحداث تقدم تكنولوجي يلائمها.
22- جامعة الكويت: دليل دعم البحوث، اللوائح والقواعد، إدارة البحوث، الكويت، 1999م.
23- فان دالين، ب ديوبولد: مناهج البحث في التربية وعلم النفس، (ترجمة: محمد نبيل نوفل وآخرون، مراجعة: سيد أحمد عثمان)، ط6، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، 1996م.
24- فرجاني، نادر: عن تحدي اكتساب المعرفة في الوطن العربي، مركز المشكاة للبحث، القاهرة، يناير 2000م.
25- مجلس التعليم العالي، الأمانة العامة: نظام مجلس التعليم العالي والجامعات، 1414هـ.
26- ملحم، سامي محمد والغافري، هاشل بن سعيد: البحث العلمي كنظام ـ نظرة مستقبلية ـ الندوة العلمية المشتركة الثالثة بين كليتي التربية بالرستاق وصحار بعنوان:"البحث العلمي في كليات التربية ـ الواقع والآفاق"، بكلية التربية بالرستاق من 10-11/5/2005م.
27- مهناوي، أحمد غنيمي: البحث العلمي في الوطن العربي وإسرائيل، الندوة العلمية المشتركة الثالثة بين كليتي التربية بالرستاق وصحار بعنوان:"البحث العلمي في كليات التربية ـ الواقع والآفاق"، بكلية التربية بالرستاق من 10-11/5/2005م.
28- وزارة الاقتصاد الوطني ـ سلطنة عمان: الإطار العام لخطة التنمية الخمسية السادسة 2001-2005م، فبراير 2002م.
29- وزارة الاقتصاد الوطني ـ سلطنة عمان: تقرير التنمية البشرية (2003م).


* أستاذ مساعد علم النفس التربوي ـ كلية التربية بصلالة
** باحث بمركز البحوث الزراعية بالجيزة ـ جمهورية مصر العربية

تعليقات

‏قال غير معرف…
http://www.safwaegy.com/

علاج ادمان المخدرات,مصحات نفسية,علاج الادمان,علاج ادمان
الهيروين,علاج ادمان الحشيش,علاج ادمان الترامادول,مراكز علاج الادمان فى مصر,مراكز علاج
الادمان,علاج إدمان الكحول,مستشفيات علاج الادمان,مصحة علاج ادمان,علاج ادمان الكبتاجون,
مركز علاج ادمان,علاج أعراض الادمان,علاج ادمان العقاقير,مركز إعادة التأهيل,
علاج اعراض الانسحاب,علاج الامراض النفسية,الطب النفسي,اعراض انسحاب المخدرات,علاج الترامادول,

دار الصفوة لعلاج الإدمان من أرقى مراكز علاج
الادمان في مصر والشرق والاوسط ولديه الخبره في علاج الادمان حيث لدية فريق خبره من
الاطباء والمعالجين في علاج جميع انواع الادمان وتعاطي المخدرات وعلاج اعراض انسحاب المخدرات
بدون ألم ...

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

المهارات اللازمة لطرح الأسئلة الصفية

مقياس مقترح لقياس مهارات التواصل

المفهوم الحديث للمنهج