واقع البحث العلمي بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية "رؤية تحليلية"
إعداد
د/ سميه على عبد الوارث*                                               د/ أنور عبد الكريم كحيل**

مقدمة:
يعد البحث العلمي عصب الحياة الرئيس لأي دولة تود أن تلحق بركب الحضارة الجامح في نصف القرن الأخير من عمر البشرية على الأرض، حيث يقاس تقدم الأمم والشعوب في هذه الحقبة بمقدار ما وصلت إليه من تقدم في شتى مجالات العلم والبحث العلمي.
إن المتأمل لتاريخ الحضارات التي قامت على سطح الأرض منذ بدء الخليقة حتى الآن يجد أنها ما قامت إلا على أركان العلم والبحث العلمي، فالحضارة الفرعونية التي بلغت من التقدم والازدهار ما لم تبلغه حضارة أخرى لم يكن لها أن تصل إلى ما وصلت إليه في شتى فروع العلم (الطب والفلك والهندسة والكيمياء ونحو ذلك من العلوم النظرية والتطبيقية على حد سواء) إلا عن طريق البحث العلمي حتى وإن كان مسماه في ذلك الوقت غير ذلك، ويقاس على ذلك كل الحضارات اللاحقة لها كالإغريقية واليونانية وآخرها كانت الحضارة الإسلامية التي بلغت شأواً عظيماً في شتى المجالات العلمية التطبيقية منها والنظرية، ولقد كان أكبر عمل قامت به العقلية الإسلامية العلمية هو كشفها للمنهج الاستقرائي التجريبي الذي عبر أيما تعبيرً عن الحضارة الإسلامية، مشيراً بحركة دافعة خلال القرون الخمس الأولى من تاريخ الإسلام ـ العصر الذهبي اللامع في تاريخ الإنسانية جمعاء ـ وقد كشف التاريخ عن أن المسلمين كانوا أسبق من الغربيين إلى ابتداع المنهج التجريبي بكل مراحله مما جعلهم الأسبق في ابتداع العلوم المختلفة وتأسيسها، واشتهر العديد من العلماء المسلمين باستخدام الطريقة العلمية المبنية على الاستقراء والتجريب مثل: الحسن بن الهيثم وجابر بن حيان وغيرهم، ويقول بريفولت Briffault إن مصدر الحضارة الأوربية الحقة هو منهج العرب التجريبي، وأن روجر بيكون درس العلم الإسلامي دراسة عميقة وأنه لا ينسب له أي فضل في اكتشاف المنهج التجريبي في أوروبا وأنه لم يكن إلا واحداً من رسل العلم والمنهج الإسلامي إلى أوروبا المسيحية، كما يؤكد بريفولت على أن منهج العرب التجريبي في عصر بيكون قد انتشر وتعلمه الناس في أوروبا (السويدي، 2000). ويذكر التاريخ بكل فخر صولات وجولات العلماء المسلمين في شتى المجالات العلمية النظرية والتطبيقية على حد سواء، وسطر التاريخ أسماءهم بأحرف من نور على جبين الزمن، وحتى يومنا هذا تذكر دوائر المعارف العلمية العالمية أسماء: الحسن بن الهيثم، وابن سينا، وابن النفيس، وجابر بن حيان، والخوارزمي، والبيروني، والإدريسي، وغيرهم كثيرون ضمن أهم العلماء الذين أثروا الحياة الإنسانية وساهموا في نهضتها وتقدمها وازدهارها على مدار تاريخها الطويل.


* أستاذ مساعد علم النفس التربوي ـ كلية التربية بصلالة
** باحث بمركز البحوث الزراعية بالجيزة ـ جمهورية مصر العربية

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

المهارات اللازمة لطرح الأسئلة الصفية

مقياس مقترح لقياس مهارات التواصل

المفهوم الحديث للمنهج