التعلم المستند إلى الدماغ حقيقة واقعة أم خيال نبحث عن حقيقته؟!!!

كشفت أبحاث الدماغ عن حقائق مذهلة فيما يتعلق بالتعلم، إذ تتكون خلايا الدماغ من نوعين رئيسين من الخلايا هما الخلايا المختصة بالتعلم والتفكير ويطلق عليها تسمية العصبونات، والخلايا الصمغية المختصة بتوفير الغذاء لخلايا التفكير. ويحدث التعلم حينما تشتبك العصبونات مع بعضها البعض في مناطق مختلفة من الدماغ محدثة شحنات كهروكيماوية داخل الخلية بهدف تبادل المعلومات، وبذلك فإن علماء الدماغ يعرفون التعلم بأنه عملية تكوين ارتباطات بين مجموعة من العصبونات (الحارثي، 2001). إن التعلم أو تكوين الارتباطات حول موضوع معين يأتي نتيجة لتعرض الفرد لخبرة جديدة، حيث تختص مجموعة من العصبونات بهذا التعلم الجديد، ومن ثم تزيد الروابط بينها وكلما زادت الخبرة تشكلت روابط جديدة بين هذه العصبونات وعصبونات أخرى. ومن الجوانب التي تقوي التعلم التكرار؛ وذلك لأن تكرار ممارسة العصبونات للاتصال مع بعضها البعض يزيد من سرعة إنجاز الارتباطات فيما بينها. تشير أبحاث الدماغ إلى أن الدماغ يميز بين حالتين من التعلم؛ الأولى عندما نعمل أو نفكر في شيء نعرفه سابقا، والثانية حينما نعمل أو نفكر في شيء جديد. فعندما نعيد شيئا تعلمناه سابقا تنفعل مسارات الدماغ بسهولة؛ لأن مسار الارتباطات العصبية معروف ومعبد حيث قام الدماغ بتعبيد تلك المسارات من خلال العملية النخاعية وترسب مادة المايلين على المحاور الناقلة، لذا فإن مسارات الدماغ تنقل الرسائل المتعلقة بإنجاز العمل المعروف سابقا بسهولة ويسر، على العكس من العمل غير المعروف سابقا الذي يحتاج إلى جهد أكبر ويستهلك طاقة كبيرة لتكوين ارتباطات جديدة. وتشير الدراسات بهذا الصدد إلى أن المساحة المشغلة في الدماغ في العمل المرتبط بالتعلم الجديد تكون أوسع منها في العمل المعروف سابقا (Freeman, 1995 ). تبدأ عملية التعلم بقدوم المثيرات إلى الدماغ، إذ تكون عبارة عن طاقة كهربائية بين الخليتين العصبيتين عند نقاط الاشتباك العصبي، ثم تحدث تفاعلات كيميائية داخل الخلية العصبية الواحدة ثم ينتج عن هذه التفاعلات طاقة كهربائية تكون جاهزة للانتقال إلى الخلية الأخرى وهكذا. ومن العوامل التي تسهم في زيادة طاقة الدماغ على العمل التغذية النوعية الجيدة، مما ينعكس إيجابا على عملية التعلم، بالإضافة إلى أهمية اشتراك أكثر من حاسة في التعلم الأمر الذي يسهم إلى حد كبير في تثبيت ذلك التعلم (الحارثي، 2001). يجمع العلماء أن تكوين الخرائط المعرفية الموجودة في دماغ الإنسان ليست نتاج عامل الوراثة أو البيئة كل على حدة، بل هي نتاج تفاعل ديناميكي عبر مراحل النمو المختلفة، حيث إن هناك جينات محددة تتأثر بعوامل بيئية خاصة. وتركز أبحاث الدماغ على وجود فترات زمنية يكون الفرد على أتم الاستعداد خلالها للتعلم وخاصة التعلم المرتبط باللغة، والموسيقى، والحركة (جنسن، 2007). ومن نتائج أبحاث الدماغ التي توصل إليها العلماء حول متطلبات الدماغ من الطعام أنه يحتاج إلى غذاء متوازن كالبروتينات والدهون والسكريات والمعادن والفيتامينات، وهناك أطعمة على وجه الخصوص مهمة للدماغ مثل الخضار والسمك والفواكه والمكسرات، كما إن الدماغ يحتاج إلى ماء، فنقص الماء والجفاف سبب رئيسي لحدوث إعاقات التعلم، حيث إن الماء مكون أساسي للدماغ.
بعد هذه الإطلالة السريعة على التعلم المستند للدماغ هل آن الأوان للإهتمام به واجراء المزيد من الأبحاث عنه ؟ وهل ستتغير النظم التربوية لتواكب هذا التوجه ؟ أم يحتاج الأمر إلى سنوات للتطوير؟!!!

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

المهارات اللازمة لطرح الأسئلة الصفية

مقياس مقترح لقياس مهارات التواصل

المفهوم الحديث للمنهج