دور المناهج والمعلمين في سلوك الطريق إلى مهارات القرن الواحد والعشرين
.
أ. د. صوما بو
جودة، دائرة التربية، الجامعة الأميركية في بيروت
.
دور المناهج والمعلمين في سلوك الطريق إلى مهارات القرن الحادي والعشرين
صوما بوجودة
دائرة التربية – الجامعة الأميركية في بيروت
لقد أظهر تقرير التنمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الصادر عن البنك الدولي
( 2007 ) وتقارير اليونسكو
United Nations
) 1 وتقارير التنمية العربية (2007) McKinsey حول التعليم في الدول العربية ( 2004 ) وتقرير
وتقرير اليونسكو
(Development Program, Regional Bureau for Arab States (UNDP/RBAS), 2002, 2003
أن المنطقة العربية حّققت قفزاتٍ كبيرةً في مجال إتاحة
(EFA Global Monitoring Report 2008) عن التعليم للجميع 2
فرص مواصلة التعليم لعددٍ متزايدٍ من الطلاب على جميع المستويات المدرسية
. غير أن هذه التقارير تشير إلى أنه ما زالت
هناك مشاكل هامة جداً يعاني منها التعليم في الدول العربية
. وعلى نحو الخصوص، تتمّثل هذه المشاكل بانخفاض جودة التعليم
التي تتمثل بعدم اكتساب المهارات المطلوبة في عالم تتزايد فيه درجة المنافسة، وبانخفاض دافعية الطلاب وتدني المعدلات
أهم أسباب انخفاض
McKinsey ويرجع تقرير مكنزي .PISA و TIMSS الوطنية في دراسات التحصيل الدولية مثل
المستوى إلى نوعية العاملين في التعليم وعدم كفاية إعدادهم، فنجاح المناهج في الوصول إلى أهدافها يعتمد بالدرجة الأولى على
نوعية المعلم
. كيف يمكن إذاً الوصول إلى تطوير التعليم في الدول العربية للوصول إلى النتيجة المرجوة؟ تهدف هذه الورقة إلى
تحديد معالم المناهج اللازمة لإعداد طلاب يمتلكون المهارات التي تم ّ كنهم من النجاح في عالم متغير، وكذلك إلى تحديد مميزات
المعلم القادرعلى تنفيذ هذه المناهج
.
إن أهم مشكلتين تواجهان التعليم في الدول العربية هما إتاحة فرص الحصول على التعليم وجودة هذا التعليم
. وتتجّلى
المشاكل الخاصة بإتاحة فرص التعليم في النسب العالية للأمية وبخاصة بين الإناث
3. ويوضح تقرير اليونسكو الإقليمي حول
2000
) أن فرص ) (UNESCO Regional Office for Education in the Arab States) التعليم للجميع في الدول العربية
الالتحاق بالتعليم قبل الإبتدائي في الدول العربية مازالت محدودة جداً
. ولكن الوضع يختلف في مرحلة التعليم الإبتدائي حيث
http://www.mckinsey.com/clientservice/socialsector/resources/pdf/Worlds_School_Systems_Final.pdf
1 انظر الموقع
http://unesdoc.unesco.org/images/0015/001547/154743e.pdf
2 انظر الموقع
http://portal.unesco.org/education/en/ev.php-url_id=8521&url_do=do_topic&url_section=201.html
3 انظر الموقع
18
مارس 2009 - ندوة المناھج الدراسیة رؤى مستقبلیة 16
24
تعدت نسبة الالتحاق
90 % في 75 % من الدول العربية، وتحظى الفتيات بنفس الفرصة مثل الفتيان في العديد من هذه الدول.
ولكن يجدر بالذكر أن أعلى نسبة التحاق توجد في الدول ذات التعداد السكاني الأقل، مما يعني أنه ليس متاحاً لأعدادٍ كبيرةٍ من
%
الفتيات إمكانية الحصول على التعليم الابتدائي. أما في المرحلة الثانوية، فتراوحت نسب الالتحاق بين 30 % في المغرب و 81
.(
2003 ،UNDP/RBAS) في البحرين، وذلك مقارنة بنسبة 88 % في فلسطين المحتّلة و 94 % في جمهورية كوريا
ولو افترضنا حلّ مشاكل إتاحة فرص الحصول على التعليم، تبقى مشكلة هامة يعاني منها التعليم في الدول العربية ألا
وهي انخفاض جودة التعليم الذي يحصل عليه الطلاب في جميع المراحل
. وتتجّلى مشكلة الجودة في المناهج المطبقة وطرق
التعليم المتقادمة، والتركيز على التعليم النظري وإهمال الأنشطة العملية والتطبيقية وانخفاض جودة برامج تعليم العلوم
والتكنولوجيا
. هذا إلى جانب عدم كفاية دعم المعلمين في تطبيق المنهجيات التعليمية الحديثة واستخدام التقنيات الحديثة. والأهم
أخيراً، وبالرغم
.(UNDP/RBA, من ذلك كّله عدم كفاية الميزانيات المتاحة لتحسين جودة التعليم في بعض الدول ( 2003
من أن التقرير الإقليمي حول التعليم للجميع في الدول العربية أشار إلى أن معظم الدول العربية س جلت نسبةً عاليةً من المعّلمين
الحاصلين على المؤهلات التعليمية الأكاديمية المطلوبة، فإنه يحّذر من أ ن نيل
"المؤهل التعليمي المطلوب" لا يعني أّنه قد تم
إعداد المعلمين جيداً للأخذ بيد الطلاب نحو اكتساب مهارات التفكير وحل المشاكل ومعرفة علمية وتكنولوجية عالية الجودة،
والقدرة على التواصل والعمل مع الآخرين وعلى الانتقال بسلاسة وراحة إلى برامج جامعية عالية الجودة
.
ومن الموشرات الدالة على نوعية التعليم في الدول العربية نتائج دراسات التحصيل الدولية مثل
"البرنامج الدولي لتقييم
الطلاب
( Program for International Assessment (PISA " و برنامج "الاتجاهات في الدراسة الدولية للعلوم والرياضيات
Trends in International Mathematics and Science Study (TIMSS)
" التي دّلت على تدني مستوى تحصيل
الطلاب العرب في مواد العلوم والرياضيات والقراءة
.
إلى التركيز على السياسات
"TIMSS تهدف الدراسة العالمية: "الاتجاهات في الدراسة الدولية للعلوم والرياضيات
والنظم التعليمية، ودراسة فعالية المناهج المطبقة وطرق تدريسها، والتطبيق العملي لها، وتقييم التحصيل وتوفير المعلومات
وقد تم
.(IEA) لتحسين تعليم وتعّلم الرياضيات والعلوم. وتتم هذه الدراسة تحت إشراف الهيئة الدولية لتقييم التحصيل التربوي
في الأعوام
1995 و 1999 و 2003 و 2007 ، وهي تتيح للدول المشاركة فرصة لتحديد مدى التقدم "TIMSS عقد "تيمسس
الذي يحرزه الطلبة على صعيدي الرياضيات والعلوم على مدار أربع سنوات
. وقد شاركت ثلاث دول عربية في "تيمسس
عام
1999 بينما شاركت عشرة دول في عام 2003 ، واثنتا عشرة دولة في 2007 وهي آخر مرة أجريت فيها "TIMSS
18
مارس 2009 - ندوة المناھج الدراسیة رؤى مستقبلیة 16
25
عام
2007 إلى أن الدول العربية متأخرة عن الدول الأخرى. ففي "TIMSS الدراسة (الجداول 1 و 2). وتشير نتائج "تيمسس
العلوم، وحدهم طلاب السنة الثامنة من الأردن هم الذين جاء ترتيبهم في حدود المتوسط العالمي في العلوم بينما كان المعدل
الوطني لتحصيل الطلاب في العلوم والرياضيات من الدول الاخرى منخفضاً عن المتوسط العالمي
. ويعرض الملحق (أ) نتائج
الخاصة بالإنجاز في العلوم والرياضيات
. (TIMSS 2007) " "تيمسس 2007
والتي شاركت فيها ثلاث دول عربية هي
(PISA 2006) " أما نتائج البرنامج الدولي لتقييم الطلاب "بيزا 2006
2007
" إذ أن المعدل الوطني لتحصيل الطلاب في هذه الدول TIMSS الأردن وتونس وقطر فلم تكن أفضل من نتائج "تيمسس
كان متدنياً إلى حدٍ ما وأقل بكثير من المعدل العام في بعض الأحيان
. والمعروف أن البرنامج الدولي لتقييم الطلبة جهد تعاوني
إضافة إلى عدد آخر من الدول ،
(OECD) للأعضاء المشاركين من بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية الأوروبية
بين ثلاثة مجالات محددة وهي القراءة
PISA في بيزا (OECD) المشاركة. وتجمع منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية
والرياضيات والعلوم، دون تركيزٍ كبيرٍ على محتوى المنهاج المطبق، بل على المعرفة والمهارات الأساسية التي يحتاجها
البالغون في حياتهم، إضافة إلى التركيز على استيعاب المفاهيم والقدرة على العمل في أي مجالٍ تحت مختلف الظروف بهدف
قياس مدى نجاح الطلاب الذين بلغ سنهم
15 سنة والذين يوشكون على استكمال تعليمهم الإلزامي والإستعداد لمواجهة تحديات
مجتمعاتهم اليومية
1. وتنتهج منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية أسلوباً عاماً لتقييم المعارف والمهارات التي تعكس التغيرات
الحالية في المنهج وتطبق الأسلوب المدرسي الهادف إلى استخدام المعرفة في المهام والتحديات اليومية لتعكس هذه المهارات
قدرة الطلاب على مواصلة التعليم مدى الحياة بتطبيق ما تعلموه في المدرسة في مختلف مجالات حياتهم، وتقييم اختياراتهم
فهي
: ( PISA وقراراتهم. أما المجالات المعرفية المستهدفة في اختبار البرنامج الدولي لتقييم الطلاب (بيزا
1
. المعرفة الرياضية (الرياضيات): هي قدرة الفرد على تحديد وفهم الدور الذي تلعبه الرياضيات للتوصل إلى أحكامٍ تقوم
على أسسٍ سليمة وعلى استخدام الرياضيات والتعامل معها بحيث تفي باحتياجات الفرد الحياتية كمواطن ف عال ومسؤول
ذي تفكير سليم
.
2
. معرفة القراءة: هي قدرة الفرد على فهم واستيعاب واستخدام النصوص المكتوبة كي يحقق أهدافه وينمي معرفته
وإمكانياته ويشارك في المجتمع
.
3
. المعرفة العلمية: هي القدرة على استخدام المعرفة العلمية لتحديد القضايا المطروحة والتوصل إلى الأدلة المعتمدة على
http://www.education.gov.qa/section/sec/evaluation_institute/assessment/_int_tests
1 انظر
18
مارس 2009 - ندوة المناھج الدراسیة رؤى مستقبلیة 16
26
النتائج والإثباتات الحاسمة، كي تصبح مفهومة لتساعد على اتخاذ القرارات الخاصة بالبيئة الطبيعية وإجراء التغييرات
فيها من خلال النشاطات البشرية
.
وقد أظهرت تقارير مختلفة أن تعليم العلوم في أغلب الدول العربية يعاني من التركيز المبالغ فيه على مداخل التدريس
المتمركزة حول المعلم، وأساليب التعليم التي تشجع على الحفظ وتتجاهل تنمية مهارات حل المشاكل والتفكير النقدي ومهارات
التقصي والبحث والاستكشاف
1. ورغم صعوبة العثور على دراسات تبحث في طبيعة تعليم العلوم في الدول العربية إجمالاً، فإن
الدراسات المتخ صصة بدول منفردة والتوصيات للتغيير الموجودة في التقارير عن التعليم العربي تتطرق دائماً إلى ضرورة تبني
استخدام أساليب تعليمية تتمركز حول الطالب وحول التعّلم لا التعليم
(مثلاً أنظر بوجوده وعبد الخالق، 2004 ). كذلك أظهرت
عدة دراسات أن المعلمين لا يبرزون طبيعة العلوم في تعليمهم، وأن مفاهيم الطلاب والمعلمين عن هذه الطبيعة هي مفاهيم غير
.(
BouJaoude, 1996; Haidar, وافية ويشوبها القصور ( 1999
جدول رقم
1. الدول العربية المشاركة في تيمسس 1999 و 2003 و 2007 في مادة العلوم.
TIMSS
الدولة 1999
تيمسس
1999
TIMSS 2003
تيمسس
2003
TIMSS 2007
تيمسس
2007
المستوى الثامن المستوى الرابع المستوى الثامن المستوى الرابع المستوى الثامن
X X X
الأردن
X X
البحرين
X X X X X
تونس
X X
الجزائر
X
السعودية
X
سوريا
X
فلسطين
X X
قطر
X X
الكويت
X X
لبنان
X X X
مصر
X X X
المغرب
X X
اليمن
X
سوريا
X
السعودية
X
فلسطين
X
عمان
جرت عدة محاولات لتحسين جودة تعليم العلوم في الدول العربية، وقد ر ّ كزت غالبية تلك المحاولات على تحسين
(Baz, 2007)
http://www.strategicforesight.com/iwforum/farouk.htm 1 انظر الموقع
18
مارس 2009 - ندوة المناھج الدراسیة رؤى مستقبلیة 16
27
UNESCO Regional Office
) أساليب التدريس ومحو أمية الكمبيوتر وتحديث معرفة المدرسين الخاصة بالمحتوى العلمي
2000
). ولكن هذه المشاريع في العديد من الحالات محدودة النطاق والمدى الزمني، كما ،for Science and Technology
أنها عانت من مشاكل مختلفة كالتركيز على المعلم وليس الطالب وعلى القضايا النظرية بدلاً من المهارات العملية والتعليم المفيد
داخل الصفوف
.
وفي مجال استخدام التكنولوجيا في التعليم، شهد النصف الثاني من القرن العشرين تطوراتٍ كبيرةً في
.(
Abd-El-Khalick, تكنولوجيا الإلكترونيات بصفة عامة، وفي تكنولوجيا المعلومات بصفة خاصة ( 2001
إلى أنه
"كان لهذه التطورات تأثي ر عمي ٌ ق على (p. 1, Abd-El-Khalick, وقد أشار عبد الخالق ( 2001
طبيعة وممارسات النشاط داخل الصف، وأصبح للعمليات الحاسوبية دور متزايد كعنصرٍ حيوي في البحث
والاستكشاف العلمي
. أدت الإكتشافات في مجال أجهزة الكمبيوتر وفي مجال تصميم البرمجيات، والتطورات
في إمكانات الشبكات، إلى جعل تحليل ووضع النماذج وتصور الأنظمة المعقدة عنصراً متزايد الأهمية في
مختلف المجالات العلمية
". لقد أصبحت التكنولوجيا جزءاً لا يتجزأ من العلوم، ولهذا أثر جم على تعليم العلوم
.(
BouJaoude, 2005a, b) في مرحلة التعليم قبل الجامعي
:
جدول رقم 2
الدول العربية المشاركة في تيمسس
1999 و 2003 و 2007 في مادة الرياضيات.
TIMSS
الدولة 1999
تيمسس
1999
TIMSS 2003
تيمسس
2003
TIMSS 2007
تيمسس
2007
المستوى الثامن المستوى الرابع المستوى الثامن المستوى الرابع المستوى الثامن
X X X
الأردن
X X
البحرين
X X X X X
تونس
X X
الجزائر
X
السعودية
X X
قطر
X X
الكويت
X X
لبنان
X X X
مصر
X X X
المغرب
X
اليمن
X
سوريا
X
السعودية
X X
فلسطين
18
مارس 2009 - ندوة المناھج الدراسیة رؤى مستقبلیة 16
28
TIMSS
الدولة 1999
تيمسس
1999
TIMSS 2003
تيمسس
2003
TIMSS 2007
تيمسس
2007
المستوى الثامن المستوى الرابع المستوى الثامن المستوى الرابع المستوى الثامن
X
عمان
إن تعليم التكنولوجيا في الدول العربية، أي التكنولوجيا كهدف في حد ذاتها
(أنظر الجمعية الأمريكية لتط ور العلوم
1993
؛ والمجلس القومي لمعلمي ، (American Association for the Advancement of Science) [AAAS]
1995
،1991 ،1987 )، واستخدام ،[National Council for Teachers in Mathematics [NCTM]] الرياضيات
أمران ما زالا في المهد
. وقد ،(Hannafin & Land, التكنولوجيا في تعليم المواد المدرسية، أي التكنولوجيا كوسيلة ( 1997
أدركت الدول العربية أن التكنولوجيا ليست رفاهية وإنما هي ضرورة للحاق بالاقتصاد العالمي وسوق العمل الكوني والمنافسة
فيهما
. ومع ذلك، ومثلما حدث في حالة الجهود المبذولة لتحسين مهارات المعلمين، كانت محاولات زيادة إمكانية الوصول إلى
التكنولوجيا واستخدامها محاولات محدودة النطاق والزمن وبالتالي محدودة الأثر
. وقد ساهمت عدة عوامل في هذا الموقف، ولعل
أهمها هو قلة الموارد المادية والبشرية
.
ولا يجوز ضم كل الدول العربية في باقة واحدة عند مناقشة التكنولوجيا واستخدامها في التعليم بسبب تباين الموارد
المادية والبشرية المتاحة في كل من هذه الدول
. فمن ناحية، هناك دول لديها الموارد الكافية لوضع جهاز كمبيوتر أو أكثر أو أي
جهاز تكنولوجي في كل صف، وبإمكانها توفير إمكانية الاتصال بالإنترنت لكل طالب، أو توفير جهاز كمبيوتر واتصال
بالإنترنت لكل معلم
. وعلى الطرف الآخر، تجد دولٌ أخرى صعوبةً كبرى بإيجاد جهاز كمبيوتر واحد في المدرسة كلها، وبالتالي
ليس فيها البنية التحتية الأساسية اللازمة لإدخال التكنولوجيا
. ومع ذلك، وحتى في الدول التي تتوفر فيها أجهزة الكمبيوتر
وغيرها من التكنولوجيا والاتصال بالإنترنت، تجد النظم التعليمية مصابة بمشكلات خطيرة مثل عدم توافر الموارد البشرية
اللازمة لتدريب الأعداد الهائلة من المعلمين والطلاب المحتاجين إلى التدريب، وعدم وجود استراتيجيات من سقة وواضحة لتطبيق
وتكمن إحدى المشكلات
.(BouJaoude, 2003; Haidar, 1998; Nour, تعليم التكنولوجيا في الفصول المدرسية ( 2005
الأخرى بعدم وجود برامج الكمبيوتر المناسبة لثقافة المنطقة والمتوائمة مع احتياجات الطلاب العرب والمتماشية مع مناهج العلوم
في الدول العربية
. وعند التفكير في استخدام الإنترنت في فصول العلوم، تظهر مشكلة هامة وهي أن الكثير من الطلاب
والمعلمين العرب لا يملكون المهارات اللغوية اللازمة ليتمكنوا من تصفح مواقع الإنترنت والاستفادة منها استفادة قيمة
. وأخيراً،
توجد مشكلة إضافية وهي أن المعلمين لم يتم إعدادهم على استخدام تقنية المعلومات والاتصال بصورة هادفة في فصولهم، بحيث
تصبح أجهزة الكمبيوتر وأجهزة تقنية المعلومات والاتصال الأخرى مجرد لعبةٍ يستخدمها الطلاب لأنشطة ترفيهية بدلاً من
18
مارس 2009 - ندوة المناھج الدراسیة رؤى مستقبلیة 16
29
.(
BouJaoude, 2005a) إجراء أبحاث نافعة ومساعدة على التعلم الهادف
أشارت الصفحات السابقة إلى أ ن التعليم في الدول العربية يعاني من عدد من المشكلات الهامة وإلى أ ن الأنظمة
التربوية في هذه الدول لا تعد مواطنين مثّقفين على المستوى العلمي والتكنولوجي
. وتتبدى مشكلة الجودة من خلال المناهج
وطرق التعليم المتقادمة، والتركيز على التعليم النظري وإهمال الأنشطة العملية والتطبيقية وانخفاض جودة برامج التكنولوجيا
.
هذا إلى جانب عدم كفاية دعم المعلمين في تطبيق المنهجيات التعليمية الحديثة واستخدام التقنيات الحديثة
. ويمكن أن نستخلص
من هذه الصفحات أن كثيراً من الطلاب في العالم العربي قد ولجوا القرن الواحد والعشرين وهم غير معدين للنجاح والمنافسة
التي يتطلبها عالم العمل في هذا القرن
. فما هي المهارات اللازمة للنجاح في القرن الحادي والعشرين، وكيف يمكن مساعدة
الطلاب العرب للحصول على هذه المهارات؟
المهارات اللازمة للنجاح في القرن الواحد والعشرين
للنجاح في مجتمع القرن الواحد والعشرين يحتاج الأفراد إلى مهاراتٍ معقدةٍ لمواجهة المتطلبات الجديدة لهذا القرن
. فقد
المميزات التالية لهذه
Partnership for The Twenty First Century حددت "مؤسسة الشراكة للقرن الواحد والعشرين 1
المهارات
:
1.
الفهم الجيد والمعمق لمجموعة من المعارف المحورية
2.
إتقان مهارات التواصل والحصول على المعلومات
3.
إتقان مهارات التفكير والتف ّ كر وحل المشكلات
4.
إتقان مهارات التواصل الإجتماعي
5.
إتقان مهارات الإدارة الذاتية للتعلم والقدرة على التجديد
للوصول إلى المعلومات وإدارتها وتقييمها
(ICT) 6. إتقان مهارات استخدام تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات
وإنتاج المعرفة والتواصل مع الآخرين
.
وتشدد
"مؤسسة الشراكة للقرن الواحد والعشرين" على أن التعليم والتعلم يجب أن يتمان في بيئة القرن الواحد والعشرين
التي تحتم تعليم المواد الدراسية من خلال أمثلة من العالم وليس في بيئة مج ردة كما هو حاصلُ في أكثرية المدارس والجامعات
حالياً
. أضف إلى ذلك أهمية استخدام وسائل دقيقة وموثوقة لتقييم إتقان المتعلمين لهذه المهارات. أخيراً، تأمل مؤسسة الشراكة
http://www.21stcenturyskills.org
1
18
مارس 2009 - ندوة المناھج الدراسیة رؤى مستقبلیة 16
30
للقرن الواحد والعشرين بأن توصل المهارات المدرجة أعلاه لس د الفجوة بين المدرسة وعالم العمل والحياة اليومية
.
اللازمة للنجاح في القرن الواحد والعشرين المقدمة من
"منظمة التعاون والتنمية competencies وتتشابه الكفايات
بالمميزات المقدمة من
"مؤسسة الشراكة للقرن الواحد والعشرين". وقد تم تطوير وتحديد "(OECD) الاقتصادية الاوروبية 1
الرئيسية
OECD هذه الكفايات بالاعتماد على تحليل متطلبات النجاح في مجتمع ناجح ومنتج. هذا ويتك ون إطار كفايات ال
من مجموعة كفاياتٍ محددةٍ ومترابطة بتكامل
. وتتجاوز هذه الكفايات الرئيسية المعارف والمهارات المد رسة وتتسم باعتمادها
إلى ذلك فإن حل أية مشكلة أو الوصول إلى بعض الأهداف يتطلب في بعض الاحيان
.(Reflectiveness) على أهمية التفكر
استخدام عددٍ كبيرٍ من الكفايات بتشكيلات مختلفة تعتمد على طبيعة المشكلة أو الهدف
. ويّتفق الكثير من العلماء والخبراء على
أن التصدي لتحديات اليوم يدعو إلى
- بل ويحّتم - تحسين إعداد وتطوير مق ومات الأفراد للتعامل مع المهام الذهنية المعّقدة. كل
ذلك يتجاوز مرحلة استنساخ المعرفة المتراكمة
. إ ن الكفايات الرئيسية تتطلب تحريك وتفعيل المهارات الذهنية والعملية والقدرات
الإبداعية والموارد والمق ومات النفسية كالإندفاع والحماسة والقيم
. في قلب ومركز إطار الكفايات الرئيسية، نجد قدرة الأفراد على
التفكير المستقل تعبيراً عن النضوج الفكري والأخلاقي، وعن تحمل مسؤولية تعّلمهم وأعمالهم
.
جزءاً مهماً وحيزاً كبيراً من إطار الكفايات المقدم
(Reflection) هذا ويش ّ كل التفكير والعمل المبنيان على عملية التفكر
من
“منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية الأوروبية” إذ أ ن التفكر يتطّلب عملياتٍ ذهنيةً وتفكيرية معقدة نسبياً. وعلى سبيل المثال،
إذا اعتاد الأفراد إتقان تقنيةٍ عقليةٍ أو ذهنية معينة، فإ ن التفكر يم ّ كنهم من التفكير في هذه التقنية، واستيعابها، وربطها بجوانب
أخرى من خبراتهم وتجاربهم، وإلى التغيير والتكيف معها
. إ ن الأفراد الذين يمارسون التفكر يتابعون استخدام هذا النوع من
التفكير بالممارسة أو العمل
. لذا فإ ن استخدام التفكر يملي استخدام مهارات التفكير في التفكير، والقدرات الإبداعية، واتخاذ
مواقف نقدية
. فالموضوع لا يقتصر على مجرد كيفية تفكير الأفراد، بل ويشمل كذلك كيفية بناء الخبرات والتجارب بشكل عام،
بما فيها الأفكار والمشاعر والعلاقات الإجتماعية
. وهذا يتطلب من الأفراد الوصول إلى مستوى معينٍ من النضج الاجتماعي
الذي يمكّنهم من أن ينأوا بأنفسهم عن الضغوط الاجتماعية، ومن أن يتّخذوا مواقف مختلفة وآراء مستقلة، وأن يتح ملوا مسؤولية
أفعالهم
.
أما الكفايات الأساسية اللازمة للنجاح في القرن الواحد والعشرين والتي حددتها منظمة التعاون والتنمية الإقتصادية
فهي تقسم إلى ثلاث مجموعات من الكفايات
: إستخدام الأدوات بشكل تفاعلي، والتفاعل والعمل في (OECD) الأوروبية
http://www.oecd.org/dataoecd/47/61/35070367.pdf
1 انظر الموقع
18
مارس 2009 - ندوة المناھج الدراسیة رؤى مستقبلیة 16
31
مجموعات غير متجانسة، والتصرف باستقلالية
.
مجموعة كفايات
"استخدام الادوات بشكل تفاعلي"
وتشتمل مجموعة كفايات
"استخدام الادوات بشكل تفاعلي" على الكفايات التالية: 1) إستخدام اللغة والرموز والنصوص
على نحوٍ تفاعلي و
2) الإستفادة من المعارف والمعلومات على نحوٍ تفاعلي و 3) إستخدام التكنولوجيا على نحوٍ تفاعلي. وفي ما
يلي نقدم تحليلاً لهذه المجموعة من الكفايات
.
إن
الحاجات الإجتماعية والمهنية لمجتمع المعلومات والإقتصاد العالمي تتطلب إتقان الأدوات الإجتماعية والثقافية
اللازمة للتفاعل مع المعرفة، كاللغة والمعلومات، كما وتحتاج إلى أدوات عينية كالكومبيوتر
. واستخدام الأدوات تفاعلياً يحتاج
الى المهارات التقنية كاستخدام البرامج المعلوماتية وقراءة نص، بالإضافة إلى ابتكار وتكييف المعارف والمهارات
. وهذا يتطلب
الإلمام بالأداة نفسها، فضلاً عن فهم يم ّ كن لهذه الأداة أن تغير كيفية التعامل مع العالم وكيفية استخدامها، لتحقيق أهدافٍ أوسع
.
وفي هذا السياق، ليست الأداة مج رد وسيطٍ سلبي، بل هي أداٌة فاعل ٌ ة في حوارٍ نشطٍ بين الفرد وبيئته
. إ ن استخدام الأدوات على
نحوٍ تفاعلي يفتح الباب أمام إمكانات جديدة في الطريقة التي ينظر فيها الأفراد إلى العالم ومدى تفاعلهم مع هذا العالم
.
إستخدام اللغة والرموز والنصوص على نحوٍ تفاعلي
:
تتناول ھذه الكفاءة الاستخدام الفعال للمھارات اللغویة في التحدّث
والكتابة
، والمھارات الحسابیة وغیرھا من المھارات الریاضیة، في العدید من الأوضاع. وھي أداة أساسیة للعمل الجید في المجتمع
ومكان العمل وللمشار
كة في حوار فعال مع الآخرین.
الاستفادة من المعارف والمعلومات على نحوٍ تفاعلي
: إنّ
الأهمية المتزايدة لدور قطاعات الخدمات والمعلومات والدور
المركزي لإدارة المعرفة في مجتمعات اليوم يجعل استخدام المعلومات والمعرفة بشكل تفاعلي أمراً ضرورياً
. واستخدام المعرفة
والمعلومات بتفاعل، يتطلب تحديد ما هو غير معروف وتحديد أماكن ومصادر الحصول على المعلومات المناسبة وتقييم جودة
ومدى ملاءمة وقيمة هذه المعلومات، فضلاً عن مصادرها و تنظيم المعارف والمعلومات
.
إستخدام التكنولوجيا على نحوٍ تفاعلي
:
بالإضافة إلى ما سبق يتطلب استخدام اللغة والرموز والنصوص بطريقة
تفاعلية القدرة على استخدام التكنولوجيا بشكل تفاعلي وهذا يحّتم استخدام السبل الجديدة التي تم ّ كن الأفراد من استخدام التقنيات
في حياتهم اليومية، إذ أن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات تمتلك القدرة على تغيير الطريقة التي يعمل بها الناس معاً،
والوصول إلى المعلومات، والتفاعل مع الآخرين
. وكما مع غيرها من الأدوات، يمكن استخدام التكنولوجيا بشكلٍ تفاعلي إذا فهم
المستخدمون طبيعتها وتفكروا بإمكاناتها
. والأهم من ذلك، يحتاج الأفراد لربط الإمكانيات الكامنة في الأدوات التكنولوجية
18
مارس 2009 - ندوة المناھج الدراسیة رؤى مستقبلیة 16
32
بظروفهم الخاصة وأهدافهم
. وتكمن الخطوة الأولى بإدماج الأفراد للتكنولوجيات في ممارساتهم اليومية، م ما يؤدي الى الإلمام
بالتكنولوجا بشكل عضوي فيتيح لهم ذلك استخدامها في مجالات أخرى
.
مجموعة كفايات
"التفاعل والعمل في مجموعات"
وتتضمن مجموعة كفايات
"التفاعل والعمل في مجموعات" الكفايات التالية: 1) القدرة على إقامة علاقة جيدة بالآخرين
و
2) القدرة على التعاون مع الآخرين و 3) القدرة على إدارة وحل النزاعات. في ما يلي تحليل لهذه الكفايات.
القدرة على إقامة علاقة جيدة بالآخرين
:
تتيح هذه الكفاية للأفراد أن يبادروا إلى، وأن يديروا ويحافظوا على العلاقات
الشخصية مع الآخرين في مجتمعهم م من قد يكونوا مختلفين عنهم
. إ ن إقامة العلاقات الجيدة ليست فقط شرطاً لتحقيق التماسك
الإجتماعي، ولكنها على نحو متزايد شر ٌ ط من شروط النجاح الإقتصادي، فتغيير الشركات والإقتصادات تفرض زيادة التركيز
على الذكاء العاطفي
. وتفترض هذه الكفاية أ ن الأفراد قادرون على احترام وتقدير قيم ومعتقدات وثقافات وتاريخ الاخرين وغير
ذلك بهدف تهيئة بيئةٍ يشعرون فيها بالترحيب والحفاوة والإنتماء والإزدهار
. وتشترط العلاقات الجيدة مع الآخرين التعاطف معهم
والإدارة الفعالة للمشاعر التي تحّتم فهم منطلقات التصرفات الشخصية المؤثرة على التعامل مع الآخرين
.
القدرة على التعاون
:
يستوجب تحقيق العديد من الأهداف العمل التعاوني في مجموعات مكونة من أفراد يمتلكون
خبرات وآراء متعددة
. وتتل ّ خص بعض عناصر هذه الكفاية بالقدرة على عرض الأفكار والاستماع إلى آراء الآخرين وعلى
التفاوض واتخاذ القرارات التي تعبر عن مختلف وجهات النظر
. ويتطلب العمل التعاوني امتلاك مهارات اجتماعية تمكن الفرد
من تقبل الآخرين والعمل معهم بشكل إيجابي يوصل إلى الأهداف المنشودة
.
القدرة على إدارة الصراعات وحلها
:
تحصل الصراعات في جميع جوانب الحياة، سواء في المنزل أو مكان العمل أو
المجتمع
. فالصراع جزء من الواقع الاجتماعي، وجزء لا يتجزأ من العلاقات الإنسانية. إ ن مفتاح إدارة الصراعات بطريقة بناءة
هو الاعتراف بأنها عملية لا بد من إدارتها بدلاً من السعي لنفيها أوتخ ّ طيها
. ويتطلب ذلك النظر في مصالح واحتياجات الآخرين
والقبول بالحلول التي تُربح الجانبين
. ولكي يقوم الأفراد بدورٍ فعال في إدارة الصراعات وحّلها، فإّنهم بحاجةٍ إلى تحليل القضايا
والمصالح المعنية، وتحديد مجالات الإتفاق والإختلاف، وإعادة هيكلة وتأطير المشكلة، وترتيب أولويات الاحتياجات والأهداف،
وتحديد ما يمكن التخلي عنه، وتحت أي ظرف
.
مجموعة كفايات
"التصرف باستقلالية"
أخيراً، تتضمن مجموعة كفايات
"التصرف باستقلالية" كفاياتٍ مختلفة مثل القدرة على فهم الإطار العام والنظر في
18
مارس 2009 - ندوة المناھج الدراسیة رؤى مستقبلیة 16
33
السياق الأوسع للأفعال والقرارات
. أي أنه يتطلب فهم كيفية ارتباط الافعال والقرارات بمعايير المجتمع، والمؤسسات الاجتماعية
والاقتصادية وإلى ما حدث في الماضي
. وتتضمن هذه المجموعة القدرة على تقييم الحقوق والمصالح والحدود والاحتياجات
والقدرة على تأسيس وإدارة المشاريع والخطط الخاصة والعملية
.
إن التصرف باستقلالية لا يعني العمل في عزلة اجتماعية
. بل على العكس من ذلك، تتطلب الإستقلالية وعياً لمحيط
الشخص وبيئته، والديناميات الاجتماعية والأدوار التي يلعبها أو التي يح ب أن يقوم بها
. وهي تتطلب من الأفراد أن يكونوا
مفعمين بالطاقة ليتمكنوا من إدارة حياتهم بطرقٍ هادفة ومسؤولة عبر ممارسة السيطرة على معيشتهم وظروف عملهم
. على
الأفراد العمل باستقلالية من أجل المشاركة بفعالية في تنمية المجتمع، والعمل أيضاً في مختلف مجالات الحياة بما فيها مكان
العمل وعندما يفعلون ذلك، هم بحاجة للتفكير والتفكر بقيمهم وأعمالهم
. عموماً، تتطلب الإستقلالية تو جهاً نحو المستقبل ووعياً
لبيئة المرء ومحيطه وللديناميات إلاجتماعية وللدور الذي يقوم به أو يرغب بالقيام به
. كما تتطّلب حيازة مفهوم إيجابي
والقدرة على ترجمة الإحتياجات والرغبات إلى أعمالٍ من خلال اتخاذ القرارت، والقدرة على
Positive self concept للذات
الإختيار وعلى التنفيذ
.
معالم المناهج اللازمة لاعداد طلاب يمتلكون المهارات
التي تعدهم للنجاح في عالم متغير
(
Resnick, خلال خمسٍ وعشرين عاماً Resnick لقد أظهرت دراسات علم النفس المعرفي التي قامت به رزنيك
1999, 2000, 2001
أ ن هناك مجموعةً من مبادىء التعلم التي يمكن استخدامها في محاولات تطوير التعليم لإعداد a, 2001b)
الطلاب للنجاح في القرن الواحد والعشرين
. ومن أهم هذه المبادئ تنظيم المدرسة لإعطاء الأولوية للجهد ووضوح التوقعات
والتقييم المنصف والذي يمكن الاعتماد عليه وتقدير الانجازات ومنهاج التفكير والكلام المسؤول
.
Importance of Effort
أهمية بذل الجهد
وانطلاقاً من هذه المبادئ، فإن على مدارس القرن الواحد والعشرين أن تشدد على أهمية بذل الجهد بدل الافتراض بأن
الذكاء وحده هو الذي يحدد نوعيه وكمية ما يتعلمه الطلاب
. وكذلك يجب تنظيم كل العناصر بحيث تدعم وتعزز هذا الجهد وذلك
بقصد توجيه رسالة مؤداها أن بذل الجهد أمر متوقع وأن المشكلات الصعبة تحتاج دوماً لعملٍ دؤوب
. ومن العناصر الهامة
للوصول إلى النتائج المبتغاة إعداد معايير دراسية دنيا ولكنها مرتفعة، وتعديل أساليب التقويم بحيث تتلاءم مع هذه المعايير وذلك
من خلال منهجٍ يتسم بالجدية والعمق وبعض الصعوبة ويتفق مع هذه المعايير، على أن يتاح للطلاب الوقت الكافي وفرص
18
مارس 2009 - ندوة المناھج الدراسیة رؤى مستقبلیة 16
34
الاستعانة بكل ما يحتاجونه من تدريس جيد ودعم المدرسين وذلك بقصد تحقيق، بل تجاوز، التوقعات المطلوبة منهم
.
وإذا ما كنا نتوقع أن يحقق كافة الطلاب مستويات دراسية مرتفعة فيجب تحديد التوقعات بوضوح وتعريف مسؤولي
المدارس وأولياء الأمور والمجتمع بوجه عام وخاصة الطلاب أنفسهم بهذه التوقعات، واستخدام أساليب منصفة للتقويم بحيث
يمكن الوثوق بها والاعتماد عليها
. وللتقويم المنصف والموثوق به أهمية كبرى في بيئة عالمية تشجع المنافسة وتعتمد على
الجدارة في جميع مجالات الحياة العملية
. ومن المهم أيضاً تقدير إنجازات الطلاب الحقيقية إذ أ ن هذا التقدير يشجع الطلاب على
اكتساب المهارات اللازمة للتمييز بين الإنتاج الجيد والأقل جودة والمقدرة على تحسين الإنتاج بشكل دائم
.
Academic Rigor in a Thinking Curriculum
إتباع منهاج قوي يعتمد على التفكير
أما العامل الرئيس والأهم في عملية التطوير فهو اتباع منهاج قوي يعتمد على التفكير وعلى إشراك المتعلم بشكل
عضوي في عملية التعلم
. غير أن ثمة اعتقاد خاطئ، مفاده انه ليس هناك ما يدعو لتدريس المعارف، على أساس أننا إذا ما قمنا
بتعليم الطلاب مهارات التفكير، فإنهم سوف يعمدون إلى استخدام هذه المهارات في استنباط المعارف بأنفسهم عند الحاجة
. غير
أن الأبحاث المتعلقة بالتعلم تظهر بصورة واضحة أهمية المعرفة التي تعد أساساً للتعامل بأسلوب منطقي مع الأمور
. إن المعرفة
المنظمة تنظيماً جيداً وبجهد شخصي من المتعلم تسمح له بالتعلم باستخدام الكم الهائل المتوافر من المعلومات والمتجدد بصورة
والمستوى الفائق من التفكير
Rigor مستمرة. ويتمثل التحدي الحقيقي الذي يواجهه المعلمون في تنفيذ منهاجٍ يجمع ما بين القوة
والاستخدام الفعال للمعرفة في ظلّ وجود عامل الوقت
. فالوقت دائماً محدود حتى إذا ما استخدمناه بصورة فعالة ومبتكرة. وثمة
سبيل للحصول على قدر أكبر من التعلم في إطار هذا الوقت المحدود المتاح أمامنا ألا وهو الاستمرار في العمل على الجمع ما
بين فعالية المضمون والتركيز الفائق على التفكير
.
من المتعارف عليه أن التفكير وحل المشكلات هما الأساسان الجديدان للتعليم والتعلم في القرن الحادي والعشرون
. لذلك
علينا أن نتخلى عن الفكرة التي تقول أنه باستطاعتنا أن نعّلم مهارات التفكير بدون أن يكون لدى الطلاب أساس قوي من
المعرفة، وعن الاعتقاد السائد بأنه يمكننا تدريس المعرفة بدون حمل الطلاب على التفكير
. فقد أظهرت الدراسات العلمية أن
المعرفة والتفكير يرتبطان ببعضهما البعض ارتباطاً وثيقاً لا ينفصل
. بناء على ذلك، فإ ن من المهم اتباع مناهج دراسية تقوم على
تعليم المفاهيم المحورية ومساعدة الطلاب على إتقانها والتفكير بها
. ومن المهم أيضاً أن يكون هدف التعليم والتعلم الالتزام
بمجموعة من المعارف المحورية والتركيز الفائق على التفكير والاستخدام النشط للمعرفة
.
الالتزام بمجموعة من المعارف المحورية
:
إن المقدرة على التفكير بشكل جيد ترتبط ارتباطاً وثيقاً بتوافر مخزونات
18
مارس 2009 - ندوة المناھج الدراسیة رؤى مستقبلیة 16
35
كبيرة من المعرفة وفي كل مجال من مجالات التعلم توجد مفاهيم محورية أساسية ينبغي لكافة الطلاب تعلمها، ويجب صياغتها
في صورة معايير أكاديمية متطلبة ومحدودة، على أن يتم استخدام هذه المعايير كأساس لوضع منهاج واضح يتم من خلاله تعليم
المفاهيم المحورية وتعلمها بشكل متعمق، شأنها في ذلك شأن مهارات التعلم وأدواته
. أما الوصول إلى المعرفة المعمقة فيتطلب:
أ
) وجود منهاج واضح في كل مادة دراسية يتلافى التكرار غير الضروري ويؤدي بشكل مستمر إلى تعميق مستوى فهم المفاهيم
المحورية وب
) تنظيم هذا المنهاج وعملية التعلم ذاتها بشكل واضح بحيث يرتكزان على المفاهيم الأساسية المنصوص عليها في
المعايير المشار إليها آنفاً، و ج
) تركيز عمليتي التعليم والتقويم على مدى قدرة الطالب وبراعته في استيعاب هذه المفاهيم
المحورية
.
التركيز الفائق على التفكير
:
يكتسب الطلاب القدرة على التفكير بشكل أفضل عندما يكون منهاج التفكير جزءاً أساسياً
مطلوباً في إطار المنهاج الدراسي الذي يتلقونه
. وينبغي أن يتم تعليم المواد الدراسية المختلفة بأساليب تدفع الطلاب أنفسهم إلى
طرح المشكلات ثم إيجاد حلول لها وطرح افتراضات لدعم آرائهم وحججهم ووضع تفسيرات علاوةً على التفكر وتفحص
مفاهيمهم الخاصة
. وفي حقيقة الأمر، يجب أن يكون هذا التركيز الفائق على عنصر التفكير، وهو أمر معتاد في برامج الطلاب
الموهوبين، ألا يكون قاصراً على هذه الفئة المتميزة وحدها بل أن يتسع نطاقه ليشمل جميع الطلاب وبشكل مستمر
. والتركيز
الفائق على التفكير يتطلب تشجيع الطلاب في كافة المواد الدراسية على أن يقوموا بطرح الأسئلة وحل المشكلات وأن يلجأوا
دائما إلى التفكير، وإعمال العقل بشكل منطقي، وإعطاء الطلاب مهاماً رفيعة المستوى تنطوي على تحدٍ لقدراتهم في كل مادة من
المواد الدراسية، وتضمين هذه المهام مشاريع موسعة بحيث يكون من المتوقع أن يتم من خلالها تنفيذ العمل الأصلي المطلوب ثم
التأكد بعد ذلك من مدى مطابقته للمعايير المحددة
. بالإضافة الى ذلك يجب أن يعطى الطلاب مهمات تجبرهم على شرح مواقفهم
ودعم آرائهم في كل مادة من المواد الدراسية بالاستناد الى المعارف والمهارات التي بنيت خلال عملية التعلم
. وأخيرا
وباختصار، فإ ن من المهم جداً أن تُنظّم عملية التعلم بشكل يؤكد على أهمية عنصر التفكير في إطار كافة عمليات التعلم
واستراتيجياته
.
الإستخدام النشط للمعرفة
: إن
السبيل الوحيد الذي يمكن االطلاب (وغيرهم من المتعلمين) من اكتساب معرفة جيدة
ودائمة هو أن يقوموا بأنفسهم بأداء العمل الذهني اللازم لتحقيق هذه الغاية
. وعلى نفس المنوال، فإ ن على أ ي أسلوب جيد
للتدريس أن يمكّن الطلاب من اكتساب معارفهم الخاصة بأنفسهم مع التيقن في الوقت نفسه من أن الأفكار التي تتولد عند هؤلاء
الطلاب تتفق بالفعل مع المعارف والمفاهيم الراسخة
. ويتطلب هذا أن تتضمن كل مادة دراسية مهاماً تجبر الطلاب على إيجاد
18
مارس 2009 - ندوة المناھج الدراسیة رؤى مستقبلیة 16
36
مصادر متعددة للمعرفة وأن يواجه الطلاب في إطار كل موضوع دراسي تحدياً يتمثل في ضرورة إيجاد تفسيرات لمواقفهم
واختبار مدى استيعابهم للمفاهيم المختلفة وذلك من خلال تطبيق تلك التفسيرات ومناقشتها سوياً
. ومن المهم أن يشجع الطلاب
على استخدام المعارف والخبرات السابقة لديهم أو تلك التي استقوها من خارج نطاق المدرسة ليس فقط في حل مشكلات ذات
طابع أكاديمي بل باستخدام المعارف والمهارات في حل مشكلات يومية تتطلب دمج المعلومات من مصادر مختلفة ومن مواد
دراسية متعددة
. ومن المهارات التي تساعد الطلاب على الاستخدام النشط للمعرفة استخدام أساليب المناقشة واقناع الغير بناء
على معطيات استوحذ عليها الطلاب من خلال دراستهم داخل الصف أو من خلال مصادر موثوقة أخرى كالشبكة الدولية أو
الكتب والمجلات العلمية
. ويقودنا هذا إلى أهمية تدريب الطلاب على استخدام الحديث المسؤول داخل وخارج الصف والمدرسة.
التعلم عن طريق الحديث المسؤول
:
إن التحدث مع الآخرين عن النشاطات والأفكار المختلفة يعد أمراً أساسيا بالنسبة للتعلم
. وليس كل ما يقال من أحاديث
يضمن تحقيق التعلم
. ولكي تؤدي الأحاديث التي تدور داخل الصفوف إلى دعم وتعزيز التعلم، ينبغي أن تتصف بنوعٍ من
المسؤولية تجاه مجتمع المتعلمين والمعرفة الدقيقة والملائمة
والتفكير الجاد والفعال
. يجب أن يتم تخصيص حيزٍ كبيرٍ من
وقت الدراسة لإجراء حوارات وأحاديث بين الطلاب حول المفاهيم المحددة في المناهج
. إن الأحاديث المسؤولة تؤدي إلى دعم
مستوى قدرة الطلاب على التفكير وذلك من خلال تعزيز قدراتهم على بناء المعرفة واستخدامها
. لذلك يجب على المعلمين تحديد
الطرق والمهارات المتعلقة بكيفية إجراء أحاديث مسؤولة داخل الصفوف وذلك من خلال تقديم نماذج ملائمة للنقاش والمناقشات
وطرح الأسئلة وتوجيه دقة النقاش مع الطلاب
. فعلى سبيل المثال، يمكن للمعلمين أن يطلبوا من الطلاب التوضيح والتفسير
وتبرير المقترحات والشرح وإعادة صياغة الأقوال
. كذلك يمكن للمعلمين التعرف على المفاهيم الخاطئة والتصدي لها من خلال
النقاشات
. ويتطلب الحديث المسؤول مسؤوليةً تجاه مجتمع المتعلمين، مسؤوليةً تجاه المعرفة، ومسؤوليةً تجاه التفكير العميق.
المسؤولية تجاه مجتمع المتعلمين
:
تتطلب المسؤولية تجاه مجتمع المتعلمين مشاركة الطلاب بفعالية في الأحاديث
والحوارات التي تدور داخل الصف على أن تخدم الغرض المرجو منها
. كذلك تتطلب المسؤولية تجاه مجتمع المتعلمين أن يسمح
الطلاب ل
لآخرين بالتحدث بدون أي مقاطعة وأن يستمعوا بإنصات واهتمام لبعضهم البعض وأن يبنوا أحاديثهم على الأفكار
المطروحة والمساهمات التي يقدمها زملاؤهم
.
المسؤولية تجاه المعرفة
:
تتطلب المسؤولية تجاه المعرفة أن يعمد الطلاب للاستفادة من المعارف المحددة والدقيقة وأن
يقدموا الأدلة التي تدعم آراءهم وحججهم وأن يحددوا نوعية المعارف التي قد لا تكون متوفرة بعد ولكنها مطلوبة لمعالجة
18
مارس 2009 - ندوة المناھج الدراسیة رؤى مستقبلیة 16
37
القضية المطروحة
.
المسؤولية تجاه التفكير الجاد والفعال
: تتطلب المسؤولية تجاه التفكير الجاد والفعال أن يقوم الطلاب بتركيب
المعلومات من مصادر متعددة و بربط الأفكار الموجودة داخل النص الواحد أو عدة نصوص مختلفة وباستخدام المعارف
والخبرات السابقة لدعم أفكارهم وأراءهم
. كذلك يجب أن يقوم الطلاب ببناء التفسيرات من خلال استخدام تتابع الأفكار و صياغة
آراء منطقية ومتماسكة وأنواع متعددة ومتباينة من الأدلة وصياغة الإفتراضات واقتراح سبل للتأكد من مدى صحتها واستخدام
كوسيلة لطرح أسئلة تنطوي على نوع من التحدي بالنسبة لهم لدعم التفسيرات التي خلصوا
"what if أسئلة من نوع "ماذا لو
إليها
. كما توجب المسؤولية تجاه التفكير الجاد والفعال أن يوضح الطلاب المواقف التي تكون فيها التفسيرات بحاجةٍ لمزيد من
التأكيد والتفسير
.
وتتطلب المسؤولية تجاه التفكير الجاد والفعال أن يقوم الطلاب باختبار مستوى استيعابهم للمفاهيم
. وذلك من خلال طرح
أسئلة على أنفسهم تختبر مستوى إدراكهم للمفاهيم وإعادة صياغة أو تعديل التفسيرات المطروحة بناء على الفهم الجديد لهذه
المفاهيم
. كذلك يجب أن يكون الطلاب قادرين على مقارنة الأفكار المطروحة لاتخاذ قراراتٍ بشأنها بناء على معطياتٍ معرفيةٍ
دقيقةٍ وعلى تحديد الانحياز الموجود لديهم ومدى قبولهم أو رفضهم للحجج والحلول المطروحة
.
ويجب أن تتسم الأحاديث التي تدور داخل الصفوف بالمسؤولية تجاه المقاييس المنطقية المقبولة والمتعارف عليها
وذلك بأن يستخدم الطلاب الأساليب المنطقية في عرض الحجج والآراء والخروج بالنتائج و أن يذكروا الأسباب التي تؤكد مدى
صحة أرائهم و النتائج التي خلصوا إليها وأن يتوصلوا إلى تحديد القضايا والآراء الخلافية بقصد إجراء مزيد من المناقشات
بشأنها
.
وتتطلب المسؤولية تجاه التفكير الجاد والفعال أن يكون الطلاب قادرين على تحدي مدى صحة الأدلة والحجج المنطقية
التي يسوقها أقرانهم من الطلاب الآخرين، وذلك بأن يتم تقييم مدى سلامة الأدلة والحجج على أساس النتائج بل وتحديها
والاعتراض عليها من قبل سائر المشاركين في النقاش والكشف عن أي آراءٍ أو افتراضات خفية في الحجج التي يوفرها الطلاب
وتحديها، وأن يقوم الطلاب بطرح أمثله مضادة وعقد مقارنات تتسم بنوعٍ من التطرف من أجل تحدي مدى صحة الحجج
والآراء المطروحة
. أخيراً، تتطلب المسؤولية تجاه التفكير الجاد والفعال أن تّتسم الأحاديث التي تدور داخل الصفوف بالمسؤولية
تجاه نوعية الدلائل المتعلقة بالمعرفة العلمية
. ومن هنا تأتي أهمية فهم واستيعاب الطلاب لطبيعة العلوم.
الطابع الإجتماعي للذكاء
18
مارس 2009 - ندوة المناھج الدراسیة رؤى مستقبلیة 16
38
الطابع الإجتماعي للذكاء،
إذ أنها لا تعتبر الذكاء مجرد
Resnick ومن المبادئ الهامة للتعلم التي تشدد عليه رزنيك
مقدرة فطرية على التفكير بسرعة واختزان الكثير من المعلومات والمعارف المختلفة، بل إن الذكاء يمثل مجموعة من القدرات
على حل المشكلات والتعامل بمنطقٍ مع الأشياء علاوة على اعتياد الإنسان الذكي على أن يستخدم هذه القدرات المتوافرة لديه
بشكل منتظم
. وتشدد رزنيك على إمكانية "تدريس" الذكاء من خلال دعوة المتعلمين لاستخدام مهارات التفكير بشكل دائم وإلقاء
مسؤولية تحقيق ذلك على عاتق المتعلمين أنفسهم
.
الإدارة الذاتية للتعلم
إن إلقاء مسؤولية التفكير على المتعلمين يحّتم إعطاءهم مهارات الإدارة الذاتية للتعلم وتشتمل هذه المهارات على
أنشطة مختلفة كصياغة الأسئلة والاستفسارات التي تم ّ كن المرء من فهم الأبعاد العميقة التي تكمن وراء الأمور الظاهرية،
وإدراك المتعلم أنه لا يفهم بعض الأمور، وأخذ المبادرة للوصول إلى هذا الفهم من خلال أخذ خطوات محددة ومدروسة
.
دور العلوم والتكنولوجيا
من المتعارف عليه ان العلم والتكنولوجيا هما النواة الحقيقية للتغيير في مجتمعنا المعاصر
. إلا أن قدرتهما على لعب
دور محوري تكمن في توضيح صورتهما للطلاب والمجتمع
. من هنا تأتي أهمية تمكين الطلاب من فهم طبيعة العلوم
والتكنولوجيا بالإضافة إلى استيعاب الإيجابيات والسلبيات المتأتية من استخدامهما في حياتنا اليومية وفي مدارسنا؛ هذا الإستخدام
الذي يتم، في أغلب الأحيان، دون التفكير العميق والملتزم والمسؤول في تأثير العلوم والتكنولوجيا في عالم اليوم وكذلك في
دورنا في عملية إنتاجهما
. ومن المهم أيضاً أن يو ضح المنهاج صورة العلم والتكنولوجيا لطلابنا لكي لا يقفوا متفرجين أمام هذا
الكم الهائل من المعارف يغرفون منه دون أن يؤثر فيهم، ولكي لا تكون العلوم والتكنولوجيا في مجتمعنا أمراً نظرياً زاحفاً إليهم
يقبلونه كما هو دون بحث أو تحليل ودون تفاعل أو زيادة
. فكما أ ن الاستخدام النشط للمعرفة مهم بالنسبة للمنهاج المعتمد على
التفكير، فإن الاستخدام النشط للتكنولوجيا في المنهاج من الأسس الهامة لاستفادة الطلاب من هذه التكنولوجيا
. فمن المهم جداً أن
.(Songer,
بل أيضا كأداةٍ معرفية للتعّلم Digital resource يكون استخدام التكنولوجيا ليس فقط كمصدرٍ للمعلومات
2007) Digital Tool
المهارات الاجتماعية
بالإضافة إلى المهارات الذهنية والأكاديمية المذكورة أعلاه، يتطلب النجاح في القرن الواحد والعشرين قبول الآخر أياً
كان هذا الآخر، وامتلاك مهارات اجتماعية كالمقدرة على التواصل والتعاون مع الآخرين والمقدرة على حل النزاعات
. ومن
18
مارس 2009 - ندوة المناھج الدراسیة رؤى مستقبلیة 16
39
الهام جداً أن تكون هذه المهارات من صلب المنهاج
- لا على أطرافه- لكي تعطى الأهمية اللازمة.
الثقة والاعتماد على النفس
من المهم أن نوّلد لدى الطلاب الثقة في قدرتهم على إنجاز المهمات الكبيرة والحكمة في اتخاذ القرارات الصعبة
والمسؤولة والاعتزاز بالتراث وكذلك الحكمة في استخدام المعرفة العلمية والتكنولوجية
. فالثقة بالنفس والحكمة أمران أساسيان
للنجاح في عالم اليوم لأننا من خلال بناء الثقة في الإنجازات المتجذرة في التراث نثبت أنفسنا فنتعاون مع العالم ولا نقف في
وجهه
. ذلك أنه عندما ندخل العالم من خلال تراثنا ندخل في مجال صداقة مع متعلمي العالم أجمع.
دور المعلم
يتطلب عالم القرن الواحد والعشرين تغييراً في دور المعلم وفي كيفية إعداده، إذ أ ن للمعلم دوراً محورياً في نجاح عملية
التعلم
1 . فما هي التغييرات التي يجب حدوثها في برامج إعداد المعلمين حتى يتسنى إعداد معّلمين محترفين يمكنهم إعداد طلابهم
لمجابهة المستقبل؟ لكي يتم إعداد معّلمين محترفين، يجب الإنتقال
:
1
. من مداخل/أساليب إعداد المعلمين المبنية على نقاط العجز، إلى مداخل مبنية على الكفاءة، بحيث تعتبر معارف
المعلمين ومهاراتهم وخبراتهم ذخراً
. سيساعد هذا المدخل في أن يتحول المعلمون بعيداً عن الاعتماد على مصادر
خارجية لحل مشاكلهم، وإلى تحوّلهم نحو التنمية المهنية والإعتماد على الذات في صنع القرارات التدريسية
.
2
. من التكرار إلى التفكر، حيث يقل تركيز المعلمين على نقل المعرفة والإستراتيجية، ويزيد تركيزهم على التعلم التحليلي
والتفكري
. سيؤدي هذا المدخل التفكري إلى شحذ مهارات المعلمين في حل المشكلات وتحديد احتياجات الطلاب
وإجراء أبحاث مص ممة لتطوير معرفةٍ ومهاراتٍ جديدة متعلقة بوجهٍ خاص بمدارسهم وفصولهم
.
3
. من التعلم بشكل منفصل إلى التعلم معاً، حيث يتعلم المعلمون في مرحلة ما قبل الخدمة أن يعملوا معاً ليعالجوا المشاكل
المتعلقة بالتدريس وبشؤون المدرسة الأخرى
. إذا كان التعاون أمراً هاماً للطلاب فهو أمر ضروري للمعلمين. ويشير
هذا إلى أن التعليم قبل الخدمة يجب أن ير ّ كز على العمل الميداني والتعاون بين الجامعات والمدارس، والإهتمام بأن يتم
بالتعاون لتكوين معرفة كيفية التعليم
. كما يشير هذا إلى ضرورة توفير دعم للمعلمين حتى بعد بدئهم العمل التدريسي.
إن هذا التركيز على مرحلة الإدخال في عملية التدريس
(عادة عند أول سنة من التدريس)، وعلى دور المعلمين ذوي
الخبرة في هذه المرحلة، يعتبر طريقة من طرق إدخال المعلمين الجدد في المهنة
.
How the World's Best-Performing School Systems Come Out on Top
(McKinsey Report) 1 ارجع الى تقرير مكنزي
http://www.mckinsey.com/clientservice/socialsector/resources/pdf/Worlds_School_Systems_Final.pdf
18
مارس 2009 - ندوة المناھج الدراسیة رؤى مستقبلیة 16
40
4
. من معلمين يعتقدون أن عقول الطلبة ما هي إلا أوعية فارغة عليهم ملؤها بمعلومات يوفرها المعلم، إلى معلمين
يي سرون للطلاب بناء المعرفة ويؤدون دور المي سر، فيوفرون خبرات يتمكن من خلالها الطلاب بناء المعرفة بأنفسهم
.
ومن معلمين يعتقدون أن الأوضاع الخارجية للتعلم التي تشمل المعلم والصف والكتب والتجارب هي العوامل الوحيدة
المحددة للتعلم، إلى معّلمين يؤمنون بأن أفكار الطلاب المسبقة وما تعلموه من قبل عناصر ضرورية للتدريس الناجح
.
ويشير هذا إلى مداخل وأساليب مختلفة للتخطيط والتعليم وأيضاً للتقييم والتقويم
.
5
. من اعتبار المعلم "منتجاً مكتملاً" إلى اعتبار المعّلم طالب علمٍ مدى الحياة. أصبح اليوم تعليم المعلمين يعد جهداً مدى
الحياة يستمر منذ الالتحاق في البرنامج وحتى التقاعد
. في هذا الإطار، يجب على المعّلمين أن يكونوا دائماً على
استعداد للتعّلم ودمج الجديد من المعرفة والتكنولوجيا في تدريسهم
. ويجب أن يكونوا قادرين على التغير لكي يساعدوا
طلابهم على تلبية احتياجات العالم في هذا العصر المتغير
. ويجب ألا ينسى المرء الدور الهام الذي تلعبه التكنولوجيا
حالياً والذي ستستمر فيما يبدو في لعبه في حياة معّلمي العلوم وغيره من المواد
. وبالتالي، يجب أن يتضمن التعّلم مدى
الحياة بطبيعة الحال دوراً هاماً للتكنولوجيا
.
ولتحقيق ما سبق تحتاج الأنظمة التعليمية إلى تأسيس نظم تشجع التعلم مدى الحياة لتحل محل النظم القائمة المو جهة نحو
الإمتحانات، كذلك إلى التكامل بين التعّلم في المدرسة وخارجها لإزالة الحواجز الإصطناعية بين المدرسة والحياة اليومية
والمجتمع وزيادة إشراك كل الأطراف المعنية بالتعليم، مثل أولياء الأمور والتعليم العالي ومجتمع الأعمال، في العملية التعليمية
School and site base
وإدارة المدارس. كذلك عليها تشجيع الإدارة المبنية على المدرسة والمبنية على الموقع
من أجل تشجيع الإبتكار مع إنشاء نظم مساءلة واضحة، وتصميم مناهج مرنة وسهلة التعديل تتيح للطلاب أن
management
يبقوا على ا ّ طلاع بما يستجد من تغييرات في شّتى مجالات المعرفة، وتطبيق نظم تدريس تتيح التعّلم النشط للطلاب
. إن هذا أمر
Hands-
هام في كل المواد وبخاصة في العلوم حيث ثبتت أهمية دور الأنشطة العملية والذهنية، التي تعمل الذهن واليد
في تحسين استيعاب الطلاب للعلوم
. وفي حال استمر الطالب في لعب دور سلبي في تعّلمه، لن يعدو عن ،on/minds-on
كونه مستقبلاً للمعرفة ولن يصبح أبداً إيجابياً ومنتجاً مبتكراً لها
.
References
المراجع
AAAS (1993).
Benchmarks for science literacy. Washington, D.C.: American Association for the
Advancement of Science.
18
مارس 2009 - ندوة المناھج الدراسیة رؤى مستقبلیة 16
41
Abd-El-Khalick, F. (2001). Integrating Technology in Teaching Secondary Science and
Mathematics: Effectiveness, Models of Integration, and Illustrative Examples. Cairo, Egypt:
UNESCO Regional Office for Science and Technology.
BouJaoude, S. (1996). Lebanese students
’ and teachers’ conceptions of the nature of science. In M.
Debs (Ed.)
Proceedings of the second scientific conference on the future of science and
283- 303). Beirut, Lebanon: Arab
mathematics teaching and the needs of Arab society (pp.
Development Institute. (Tunisia, Dec 19
– 22, 1996).
BouJaoude, S. (2003).
Science and Technology in Schools of the Twenty-First Century. In Jenkins,
E. (Ed.). Innovations in science and technology education, Volume VIII (pp. 43-68). Paris:
UNESCO.
BouJaoude, S. (2005a). Using electronic and information technologies in science teacher
preparation: The experience of a teacher educator. In W. Haddad (Ed.),
Technologies for
education for all: Possibilities and prospects in the Arab region
(23-28). Washington, DC.
Academy for Educational Development.
BouJaoude, S. (2005b
). Improving Science Teaching Methodology at the University Level:
Synchronizing the Teaching Approaches at the Secondary and University Levels
. In
UNESCO National Committee (Ed.),
Proceedings of the international conference on
teaching science at the University level
(112-130). Beirut, Lebanon: UNESCO National
Committee.
BouJaoude, S., & Abd-El-Khalick, F. (2004). A Decade of Science Education Research in Lebanon
(1992-2002): Trends and Issues. In Mutua, K & Sunal, C. S. (Eds.), (203-241
). Research on
Education in Africa, the Caribbean, and the Middle East,
Vol.1. Greenwich CT: Info Age
Press.
BouJaoude, S., & Ghaith, G. (2006). Educational Reform at a Time of Change: The Case of Lebanon
in Education Reconstruction in Transitional Societies), in Ernest, J. & Treagust, D., (Eds.)
(pp. 193-210). Netherlands: Sense Publishers.
Haidar, A. (1998). Arab perspective about the application of information technology in science
education.
Journal of Science Education and Technology, 7, 337-348.
Haidar, A. (1999).
United Arab Emirates students’ views about the epistemology of science. Paper
presented at the annual meeting of the National Association for Research in science teaching,
Boston, MA. March 1999.
Hannafin, M. J., & Land, S. M., (1997). The foundations and assumptions of technology-enhanced
student-centered learning environments.
Instruction Science, 25, 167-202.
18
مارس 2009 - ندوة المناھج الدراسیة رؤى مستقبلیة 16
42
NCTM (1987). The use of computers in the learning and teaching of mathematics: An official
NCTM position.
NCTM News Bulletin, 24(2), 3.
NCTM. 1991.
Professional Standards for Teaching Mathematics. Reston, VA: NCTM.
NCTM (1995).
Assessment standards for school mathematics. Reston, VA: Author.
Nour, S. (2005). Science and Technology Development Indicators in the Arab Region: A
Comparative Study of Arab Gulf and Mediterranean Countries. Science
Technology &
Society, 10
, 249-274.
Resnick, L. (1999, June 16). Making America smarter: A century's assumptions about innate ability
give way to a belief in the power of effort.
Education Week, pp. 38-40.
Resnick, L. B. (2000). From aptitude to effort: A new foundation for our schools. In L. Abbeduto
(Ed.),
Taking sides: Clashing views on controversial issues in educational psychology (pp.
206210). Guilford, CT: Dushkin/McGrawHill.
Resnick, L. B. (2001a). Making America smarter: The real goal of school reform. In A. L. Costa
(Ed.), Developing minds: A resource book for teaching thinking (3 rd Ed.). Alexandria, VA:
Association for Supervision and Curriculum Development.
Resnick, L., M. W. Hall, and Fellows of the Institute for Learning, (2001b) The Principles of
Learning: Study tools for educators. [CDROM]. Pittsburgh, PA: Institute for Learning,
Learning Research and Development Center, University of Pittsburgh.
Songer, N.B. (2007) Digital Resources Versus Cognitive Tools: A Discussion of Learning Science
with Technology. In S. Abell and N. Lederman (Eds.)
Handbook of Research on Science
Education.
Mahwah, NJ: Erlbaum. P. 471-491.
UNDP/RBAS (United Nations Development Program, Regional Bureau for Arab States) (2002).
Arab Human Development Report 2002
. New York, NY, Author.
UNDP/RBAS (United Nations Development Program, Regional Bureau for Arab States) (2003).
Arab Human Development Report 2003
. New York, NY, Author.
UNESCO Regional Office for Education in the Arab States (2000).
Arab regional conference on
education for all: The year 2000 assessment
. Beirut, Lebanon: UNESCO Regional Office for
Education in the Arab States.
UNESCO Regional Office for Science and Technology (2000).
Annual report 2000: UNESCO.
Cairo, Egypt: UNESCO Regional Office for Science and Technology.
World Bank (2007).
The road not raveled: Education reform in the Middle East and North Africa.
Washington, D. C.: World Bank.
18
تعليقات