لمن يريد المزيد عن التعلم التوليدي

استراتيجية التعلم التوليدي Generative Learning Strategy
لقد اقترح أزوبورن ويتروك نموذجا للتغير المفاهيمي يقضي بتغيير المفاهيم البديلة لدي الطلاب حول ظاهرة ما ، واكسابهم فهما علميا سليما لتللك الظاهرة ، وكانت نقطة الانطلاق أن معرفة التعلم القبلية تعد شرطا أساسيا لبناء المعني حيث إن التفاعل بين معرفة المتعلم الجديدة ومعرفته القبلية تعد أحد المكونات المهمة في عملية التعلم ذي المعني ، فقد تكون هذه المعرفة بمثابة الجسر الحاجز الذي يمنع مرور هذه المعرفة إلي عقل المتعلم ، ولذلك يهتم نموذج التعلم التوليدي بصفة أساسية بتأثير الأفكار الموجودة في بنية الطلاب المعرفية والتي يتم علي أساسها اختيار المدخلات المحسوسة والاهتمام بها ، كما يهتم بالروابط التي تتولد بين المثيرات التي يتعرض الطلاب لها ومظاهر تخزينها في بنية الطلاب المعرفية وتكوين المعني من المدخلات المحسوسة والمعلومات التي يتم استرجاعها من البنية المعرفية للطلاب ، وكذلك يهتم بتقويم المعاني التي تم التوصل إليها .
 
الملامح الأساسية لإستراتيجية التعلم التوليدي :
1-   إن الأفكار الموجودة في بنية التعلم لدي الطلاب تؤثر علي استفادتهم من حواسهم ، ولذلك يقوم الطلاب باستخدام الأفكار الموجودة في بنيتهم المعرفية في الاختيار الفعال للمدخلات المحسوسة مثل ذلك عندما نطلب من الطالب أن يبحث عن حيوانات في غابة ما ، يؤثر مدلول كلمة الحيوان الموجودة في بنية الطالب علي المكان الذي يبحث فيه 0
2-   إن الأفكار الموجودة في بنية الطلاب المعرفية تؤثر علي المدخلات المحسوسة من حيث الاهتمام بها أو تجاهلها ، فعلي سبيل المثال نجد أن الكثير مما نسمعه يعد غير متصل باهتماماتنا وذلك مثل الأصوات التي نسمعها ونتجاهلها كالضوضاء التي تحدث في فصل مجاور لنا ويمكن للمعلم أن يثير اهتمام الطلاب من خلال الأسئلة التي يطرحها عليهم أو من خلال الأسئلة التي يسألها المتعلمون أنفسهم 0
3-   المدخل المحسوس الذي يختاره المعلم ويهتم به ليس له معني محدد بذاته ، فعل سبيل المثال عندما يقول المعلم توجد علاقة بين الضغط عند نقطة ما والقوة المحدثة له " فهذه العبارة لها معني محدد بالنسبة للمعلم ولكن لا ينتقل هذا المعني مباشرة للمتعلمين فهناك اختلافات مهمة في المعني بين ما يقصده المعلم وما يفهمه المتعلم ؛ ولذلك فإن المتعلمين في حاجة إلي لأن يكونوا علي دراية بأن المعني شيء يقومون بتكوينه وإنه ليس شيئا يمكن أن يقوم المعلم بوضعه في أذهانهم 0
4-   يقوم المتعلم بعمل روابط بين المدخلات المحسوسة التي تم اختيارها والمعرفة الموجودة في بنيته المعرفية ففي المثال السابق من غير المحتمل أن يقوم المتعلم الذي لايعرف الفيزياء بتوليد روابط  طردية بين الضغط عند نقطة معينة والقوة المحدثة له ، وقد يربط المتعلم المدخل المحسوس بخبرة معينة لديه ولسوء الحظ فإن هذه الروابط التي تم توليدها قد تكون غير مناسبة 0
5-   يستخدم المتعلم الروابط التي تم توليدها والمدخل المحسوس لكي يقوم بتكوين المعني فعل سبيل المثال من خلال المدخل المحسوس الذي سمعه المتعلم من المعلم والخبرة المحددة الموجودة في بنيته المعرفية والتي تم علي أساسها توليد الروابط يمكن للمتعلم أن يكون معني للعبارة السابقة "توجد علاقة بين الضغط والقوة المحدثة له" 0
6- يقوم المتعلم باختبار المعني الذي توصل إليه من خلال مقارنته بالمعاني الأخرى الموجودة في بنيته المعرفية أو بالمعاني التي تم التوصل إليها كنتيجة للمدخلات الحسية الأخرى، واختبار المعني يتضمن توليد الروابط التي تتعلق بالظواهر الأخرى المختزنة في البنية المعرفية للمتعلم، هل يرتبط المعني الجديد الذي تم تكوينه جيدا بالأفكار الأخرى المرتبطة به والتي يمكن تكوينها من الأشياء الخزنة في بنيته المعرفية، هل تتفق الفكرة الجديدة التي تم تكوينها مع الأفكار الجديدة الموجودة 0
7- يقوم المتعلم بتخزين المعاني في بنيته المعرفية، وذلك عندما يكون المعني الذي تم تكوينه ذا معني في ضوء تقويمه مع المعاني الجديدة لديه، وبالتالي فإنه يتم إدخاله في بنيته المعرفية ويؤثر علي المعاني الموجودة بها، كما أنه قد يعمل علي تغييرها، وكلما زاد عدد الروابط التي تم توليدها مع المعاني الموجودة لدي المتعلم زادت احتمالية تذكر تلك الفكرة وكونها ذات معني بالنسبة للمتعلم 0
8- وتتطلب الحاجة لتوليد الروابط وتكوين المعاني واختيارها وتخزينها في بنية المتعلم المعرفية من الأفراد أن يتحملوا مسؤولية تعلمهم، فكل الأنشطة التي يقوم بها المتعلم لتحقيق التعلم والفهم تتطلب مجهودا ذهنيا من جانب المتعلم، لن يستطيع المتعلم أن يقرأ كتابا أو يستمع إلي حوار، أو يشاهد فيلما أو أن يفهم ما تعلمه بدون تحمل أي مسؤولية، فعندما يدرك الطلاب أنهم مسئولون أكثر عن معلميهم أو والديهم أو غيرهم من الناس عن تكوين المعاني مثل نجاحهم أو فشلهم في المدرسة، فمن المحتمل أن يزيد تعلمهم، فالمعلمون والآباء عليهم مسؤولية محددة، وهي تسهيل تعلم الطالب من خلال التدريس، ولكن التدريس الجيد ليس كافيا للحصول علي تعلم جيد والذي يتطلب جهدا ذهنيا فعالا من جانب المتعلم 0
وتقوم استراتيجية التعلم التوليدي في تدريس العلوم علي أساس أهمية تزويد الطلاب بالمواقف التعليمية التي تمكنهم من:
1-  تكوين خبرات جديدة وتوجيه أسئلة لأنفسهم وللآخرين عن هذه الخبرات 0
2-  اختيار المدخلان المحسوسة والاهتمام بها بطرق مفيدة 0
3-  تكوين أفكار ترتبط بمظاهر معينة للظاهرة موضع الدراسة 0
4-  إعطاء الأخرين الفرصة لتحدي أفكارهم من خلال النقد والدليل التجريبي 0
5-  اختبار مدي قابلية الأفكار الجديدة للتطبيق العملي من خلال التنبؤ بالحلول المختلفة للمشكلات 0
 مما سبق يتضح أن تنمية المفاهيم وفقا لاستراتيجية التعلم التوليدي لا تتم إلا عن طريق قبول تصورات الطلاب البديلة تجاه الظواهر كنقطة بداية لمساعدتهم في توسيع معرفتهم، وليس الغرض من إظهار أفكار الطلاب وتصوراتهم تحدي هذه الأفكار والتصورات بطريقة مباشرة، ولكن لتكون الأساس للمعرفة الجديدة أو كنقطة للدخول داخل نظام العلاقات الذي يكون أخر شيء يمكن للمتعلم فهمه 0
 
مراحل استراتيجية التعلم التوليدي:
تتم عملية التدريس داخل الفصل في ضوء استراتيجية التعلم التوليدي وفقا للمراحل التالية:
1-  المرحلة التمهيدية: في هذه المرحلة يقوم المتعلم بالتعرف علي أفكار الطلاب الموجودة في بنيتهم المعرفية وتقسيمها ومعرفة الشواهد التي تعرض هذه الأفكار وذلك من خلال إثارة المعلم لمجموعة من الأسئلة حول المفهوم محل الدراسة لإثارة المعلم لمجموعة من الأسئلة، ثم يسمح المعلم بعد ذلك للطلاب بالإجابة عن هذه الأسئلة، ومن خلال هذه الإجابات تتضح التصورات الموجودة في بنية المتعلم المعرفية حول المفهوم محل الدراسة ثم بعد ذلك يقسم المعلم الطلاب إلي مجموعات حسب وجهات نظرهم 0
2-  مرحلة التركيز : في هذه المرحلة يقوم المعلم بعمل سياق يستطيع الطالب فيه التعبير عن مفهومه، وذلك من خلال قيام المعلم بوضع الخبرات المناسبة وإثارته لمجموعة من الأسئلة ذات النهايات المفتوحة، بينما يقوم الطلاب بمعرفة المواد التي يستخدمونها في الكشف والتفكير فيما سيحدث، وطرح التساؤلات حول المفهوم وإخضاع أفكارهم الخاصة للمناقشة من خلال المفاوضة والحوار بين أفراد المجموعة 0
3-  مرحلة التحدي:  في هذه المرحلة يوفر المعلم الفرصة للطلاب لتغيير وجهات نظرهم وذلك من خلال مناقشة الفصل بالكامل مع إتاحة الفرصة للطلاب للمساهمة بملاحظاتهم وفهمهم، وإثارة التحدي بين ما كان يعرفه المتعلم في مرحلة التمهيد وما عرفه أثناء التعلم 0
4- مرحلة التطبيق:   وفي هذه المرحلة يقوم المعلم بإمداد الطلاب ببعض المشكلات التي تتطلب تطبيق المفهوم في حلها، أي استخدام المفاهيم كأدوات وظيفية لحل المشكلات 0
    
    بعد هذا العرض لاستراتيجية التغير المفاهيمي واستراتيجية التعلم التوليدي يمكن إجراء مقارنة بينهما كما هو موضح في الجدول التالي:
 
 
مقارنة بين استراتيجية التغير المفاهيمي واستراتيجية التعلم التوليدي 0
وجه المقارنة
استراتيجية التغير المفاهيمي
استراتيجية التعلم التوليدي
1- الهدف
1-مساعدة الطلاب في استخدام المفاهيم الجدية وتطبيقها في مواقف تعليمية مختلفة 0
2-مساعدة الطلاب علي إعادة تشكيل بناءهم المعرفي عن طريق ربط المعرفة الجديدة مع البنية المعرفية والوصول إلي حالة اتزان مما يجعل التعلم ذا معني 0
1-مساعدة الطلاب في استخدام المفاهيم الجدية في تفسير مواقف تعليمية مختلفة للتأكد من فهمهم لهذه المفاهيم واقتناعهم بصحتها 0
2-مساعدة الطلاب علي إدراك العلاقة بين تصوراتهم وبين المعلومات الجديدة وتكيفهم معها 0
2-دور المعلم
1-تسهيل مهمة الطلاب خلال الأنشطة 0
2-توجيه تفكير الطلاب 0
3-إكساب الطلاب خبرات حقيقية من خلال ممارسة الأنشطة 0
1-تشجيع الأنشطة ذات النهايات المفتوحة 0
2-تنظيم العمل داخل الفصل والأنشطة وهذا يمثل إبداعا حقيقيا وذلك من خلال قيام الطلاب بعمل أنشطة مفتوحة النهاية 0
3-دور الطالب
الاهتمام بكيفية اكتساب المعرفة 0
الاهتمام بتعلم كيف يتعلم
4- التصورات البديلة
التعرف علي التصورات البديلة للطلاب يعتبر مدخلا لعملية التعلم 0
قبول أفكار الطلاب وتصوراتهم يعتبر نقطة البداية للعمل علي تصحيحها 0
5- الإجراءات
إتاحة فرص المشاركة والتعاون بين الطلاب أثناء قيامهم بالأنشطة التعليمية 0
الاهتمام بمهارات التعاون 0
1-التعلم من خلال المناقشة الحوار والتفاوض وتبادل الأفكار بين الطلاب 0
2-مساعدة الطلاب علي العمل في مجموعات صغيرة 0
6- مراحل التدريس
1-مراحل التدريس تتم وفقا للخطوات التالية التنبؤ بالنتائج – عرض المعتقدات –مواجهة المعتقدات – مداومة المفهوم – الإثراء أو التعميق 0
1-مراحل التدريس تتم وفقا للخطوات التالية المراحل التمهيدية –مرحلة التركيز – مرحلة التحدي – مرحلة التطبيق 0
 
المصدر : -
أحمد النجدي ، مني عبد الهادي سعودي ، علي راشد ( 2005 ) اتجاهات حديثة في تعليم العلوم في ضوء المعايير العالمية وتنمية التفكير والنظرية البنائية 0 سلسلة المراجع في التربية وعلم النفس ، الكتاب 33 ، تدريس العلوم في العالم المعاصر ، القاهرة : دار الفكر العربي 0 ص ص 462 – 463 -  464 ، 465، 466 ، 467 0
 

تعليقات

‏قال 7la-alshetwi
طرح جميل شكرا لك .. إذا ممكن عندي تساؤل هل هذه الإستراتيجية ملائمة في تغير المفاهيم الخاطئة بالعلوم الشرعية وان لم تكن كذلك فما هي الإستراتيجية الملائمة ؟

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مقياس مقترح لقياس مهارات التواصل

المهارات اللازمة لطرح الأسئلة الصفية

معايير اختيار المحتوى (الخـــــبرات التعليمية) لذوى الإحتياجات الخـــــاصة